للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعُقْبَةَ، فنهاه عن الإسلام، فَقَبِلَ نَهْيَهُ فنزلت الآية فيهما «١» ، فالظالم: عقبة، وفُلاناً أُبيُّ. قال السُّهَيْلِيُّ: وَكَنَّى سبحانه عن هذا الظالم ولم يُصَرَّحْ باسمه ليكون هذا الوعيدُ غيرَ مخصوصٍ به ولا مقصور عليه بل يتناول جميعَ مَنْ فعل مثل فعله، انتهى.

٤٣ ب/ وقال مجاهد «٢» وغيره: الظَّالِمُ عام، اسم جنس، وهذا هو الظاهر، وأَنَّ مقصد الآية تعظيمُ يوم القيامة وذِكْرُ هوله بأَنَّهُ يوم تندم فيه الظَّلَمَةُ، وتتمنَّى أَنَّها لم تُطِعْ في دنياها إخِلاَّءَهَا، والسبيل المُتَمَنَّاةُ: هي طريق الآخرة، وفي هذه الآية لكل ذي نُهْيَةٍ تنبيهٌ على تجنب قرين السوء، والأحاديث والحكم في هذا الباب كثيرة مشهورة، والذِّكْرِ: ما ذَكر الإنسانَ أمر آخرته من قرآن، أو موعظة ونحوه.

وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا يحتمل: أَنْ يكونَ من قول الظالم، ويحتمل: أن يكون ابتداء إخبار من الله عز وجل على وجه التحذير من الشيطان الذي بَلَّغهم ذلك المبلغ.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٠ الى ٣٤]

وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (٣٠) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤)

وقوله تعالى: وَقالَ الرَّسُولُ حكاية عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الدنيا وتشكِيْهِ ما يَلْقَى من قومه هذا قول الجمهور، وهو الظاهر، وقالت فرقة: هو حكاية عن قوله ذلك في الآخرة، ومَهْجُوراً يحتمل: أَنْ يريدَ مُبْعَداً مقصيّاً من الهَجْر بفتح الهاء، وهذا قول ابن زيد «٣» ، ويُحْتَمَلُ: أَنْ يريدَ مقولاً فيه الهُجْرُ- بضم الهاء إشارة إلى قولهم: شعر وكهانة ونحوه قاله مجاهد «٤» .

قال ع «٥» : وقول ابن زيد مُنَبِّهٌ للمؤمن على مُلازمة المُصْحَفِ، وأَلاَّ يكون الغبارُ


(١) أخرجه الطبريّ (٩/ ٣٨٤) برقم (٢٦٣٤٧) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٢٠٨) والسيوطي (٥/ ١٢٥) وعزاه لأبي نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
(٢) ذكره ابن عطية (٤/ ٢٠٨) ، والسيوطي (٥/ ١٢٧) ، وعزاه للفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد بلفظ: «الشيطان» .
(٣) أخرجه الطبريّ (٩/ ٣٨٦) برقم (٢٦٣٥٧) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٢٠٩) .
(٤) أخرجه الطبريّ (٩/ ٣٨٦) برقم (٢٦٣٥٥) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٢٠٩) ، والسيوطي (٥/ ١٢٧) ، وعزاه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٢٠٩) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>