للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أي: جعل هواه مطاعا فصار كالإله. إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ أي:

بل هم كالأنعام.

قلت: وعبارة الواحدي: إِنْ هُمْ أي: ما هم إلاَّ كالأنعام، انتهى.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤٥ الى ٥٢]

أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (٤٥) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً (٤٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً (٤٧) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً (٤٩)

وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٥٠) وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (٥١) فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً (٥٢)

وقوله سبحانه: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ... الآية: مَدُّ الظل بإطلاقٍ: هو ما بين أول الإسفار إلى بُزُوغ الشمس، ومن بعد مغيبها أيضاً وقتاً يسيراً فإنَّ في هذين الوقتين على الأَرض كُلِّها ظِلاًّ ممدوداً.

وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي: ثابتاً غيرَ متحرك ولا منسوخ، لكنه جعل الشمس ونسخها إيَّاه، وطردها له من موضع إلى موضع دليلاً عليه مُبَيِّناً لوجوده ولوجه العبرة فيه، وحكى الطبريّ «١» أَنَّه: لولا الشمسُ لم يُعْلَمْ أَنَّ الظل شيء، إذِ الأشياء إنَّما تُعْرَفُ بأضدادها.

وقوله تعالى: قَبْضاً يَسِيراً يحتمل أَنْ يريد، لطيفاً، أي: شيئاً بعدَ شيءٍ، لا في مرة واحدة.

قال الداوديّ: قال الضَّحَّاكُ: قَبْضاً يَسِيراً يعني: الظِّلَّ إذا علته الشمسُ «٢» ، انتهى. قال الطبريُّ «٣» : ووصف الليل باللباس من حيث يستُر الأَشياء ويغشاها، والسبات:

ضرب من الإِغماء يعترى اليقظانَ مرضاً، فشُبِّهَ النوم به، والنشور هنا: الإحياء، شبَّهَ اليقظةَ به، ويحتمل أَنْ يريد بالنشور وقتَ انتشار وتفرق، وأَناسِيَّ: قيل [هو] «٤» جمع إنسان،


(١) ينظر: «الطبريّ» (٩/ ٣٩٥) .
(٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ٣٩٤) رقم (٢٦٣٩٨) .
(٣) ينظر «الطبريّ» (٩/ ٣٩٦) .
(٤) سقط في ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>