للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والياء المُشَدَّدَةُ بدل من النون في الواحد، قاله سيبويه، وقال المُبَرِّدُ: هو جمع إنسي، والضمير في صَرَّفْناهُ عائد على القرآن وإن لم يتقدم له ذكر، ويَعْضُدُ ذلك قوله:

وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٣ الى ٥٧]

وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧)

وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ مَرَجَ معناه: خَلَطَ.

قال ع «١» : والذي أقول به في معنى هذه الآية: أَنَّ المقصود بها التنبيهُ على قدرة الله تعالى في أنَّ بَثَّ في الأرض مياهاً عذبة كثيرة، جعلها خلال الأُجَاجِ، وجعل الأُجَاجَ خلالها، كما هو مَرْئِيٌّ تجدُ البحر قد اكتنفته المياه العذبة في ضَفَّتِهِ، وتجد الماء العذب في الجزائر ونحوها قد اكتنفه الماء الأُجاج، وكُلٌّ باقٍ على حاله ومطعمه فالبحران: يراد بهما جميعُ الماء العذب، وجميع الماء الأجاجُ، والبرزخ والحجر هو ما بين البحرين من الأرض واليبس قاله «٢» الحسن، والفرات: الصافي اللذيذُ المطعم، والأُجَاجُ أبلغ ما يكون من الملوحة.

وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ/ بَشَراً ... الآية تعديدُ نعم على الناس، ٤٤ ب والنسب: هو أنْ يجتمع إنسان مع آخر في أب أو أمّ، والصِّهْرُ هوَ تَوَاشُجِ المناكحة، فقرابة الزوجة هم الأختان، وقرابة الزوج هم الأحماء، والأصهار يقع عاماً لذلك كله.

وقوله تعالى: وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً أي: مُعِيناً يعينون على رَبِّهم غيرهم من الكفرة بطاعتهم للشيطان، وهذا تأويل مجاهد «٣» وغيره، والكافر هنا اسم جنس، وقال


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٢١٤) . [.....]
(٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ٤٠٠) برقم (٢٦٤٣٠) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٢١٤) ، والسيوطي (٥/ ١٣٦) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الحسن.
(٣) أخرجه الطبريّ (٩/ ٤٠١) برقم (٢٦٤٣٥) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٢١٥) ، والسيوطي (٥/ ١٣٧) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>