للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدوابِّ. قاله ابن عبَّاس، وأنثاه شيطانة. انتهى.

ت: ويجب على المؤمن أن يجتنب هذه الأخلاق الذميمة، وقد ثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ» .

رواه أبو داود «١» ، وفيه عنه صلّى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا، كَانَ له يوم القيامة لسانان ١١ أمن نَارٍ» . انتهى. / من سنن أبي داود «٢» .

اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ: اختلف المفسِّرون في هذا الاستهزاء، فقال جمهور العلماء:

هي تسمية العُقُوبة باسم الذَّنْب، والعربُ تستعمل ذلك كثيرًا، وقال قوم: إن اللَّه سبحانه يفعل بهم أفعالاً هي في تأمل البَشَر هُزْءٌ روي أنَّ النَّارَ تجمد كما تَجْمُدُ الإِهالة «٣» ، فيمشون عليها، ويظنون أنها منجاة، فتخسف بهم، وما روي أن أبواب النَّار تفتح لهم، فيذهبون إِلى الخروج، نحا هذا المنحى ابنُ عَبَّاس والحسن.

ت: وقوله تعالى: قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً [الحديد: ١٣] يقوِّي هذا المنحى، وهكذا نص عليه في اختصار الطبريِّ. انتهى.

وقيل: استهزاؤه بهم هو استدراجهم بدرور النعم الدنيوية، ويَمُدُّهُمْ، أي:

يزيدهم في الطغيان، وقال مجاهد: معناه: يملي لهم «٤» ، والطغيان الغلوّ وتعدّي الحدّ


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٦٨٤) ، كتاب «الأدب» ، باب في ذي الوجهين، حديث (٤٨٧٢) ، من طريق أبي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة، مرفوعا بهذا اللفظ، وأخرجه البخاري (١٠/ ٤٨٩) ، كتاب «الأدب» ، باب ما قيل في ذي الوجهين، حديث (٦٠٥٨) ، ومسلم (٤/ ١٩٥٨) ، كتاب «فضائل الصحابة» ، باب خيار الناس، حديث (١٩٩/ ٢٥٢٦) ، بلفظ: «تجدون من شر الناس ... »
الحديث.
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٦٨٤- ٦٨٥) ، كتاب «الأدب» ، باب في ذي الوجهين، حديث (٤٨٧٣) ، والدارمي (٢/ ٣١٤) ، كتاب «الرقاق» ، باب ما قيل في ذي الوجهين، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٨٨) ، وابن حبان (١٩٧٩- موارد) ، والطيالسي (٢/ ٥٩- منحة) ، رقم (٦١٧٥) ، وابن أبي شيبة (٨/ ٥٥٨) رقم (٥٥١٥) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦/ ٥٢٣- بتحقيقنا) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤/ ٢٢٩) ، رقم (٤٨٨١) ، كلهم من طريق شريك بن عبد الله، عن الركين، عن نعيم بن حنظلة، عن عمار بن ياسر مرفوعا، وصححه ابن حبان.
وقال العراقي في «تخريج الإحياء» (٣/ ١٣٧) : وسنده حسن.
(٣) الإهالة: الدّهن. ينظر: «عمدة الحفاظ» (١/ ١٥٣) .
(٤) أخرجه الطبري (١/ ١٦٨) برقم (٣٦٤) عن ابن مسعود وناس من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم. وبرقم (٣٦٥) عن مجاهد، وذكره السيوطي في «الدر» (١/ ٧٠) عن ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>