للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ع «١» : وهذه الألفاظُ الدالةُ على قَسَمِ تجاوب باللام، وإن لم يتقدمْ قَسَمٌ ظاهرٌ، فاللامُ في لَنُبَيِّتَنَّهُ: جوابُ القَسَمِ. ورُوِيَ في قصصِ هذهِ الآيةِ أَن هؤلاءِ التسعة لمَّا كانَ فِي صَدْرِ الثلاثة الأيام بعد عَقْرِ النَّاقَةِ وَقَدَ أخبرَهُمْ صالحٌ بمجيء العذابِ، اتفق هؤلاءِ التسعةُ فَتَحَالَفُوا على أن يأتوا دارَ صالحٍ ليلاً فيقتلوه وأهلَه المُخْتَصِّينَ به، قالوا: فإن كان كاذبا في وعيده أوقعنا به ما يستحقُّ، وإن كانَ صادقاً كنَّا قد عجّلناه قبلنا وشفينا به نفوسنا، فجاؤوا واخْتَفَوْا لذلك في غارٍ قريبٍ من داره، فروي أنّه انحدرت عليهم صخرة ٥٣ ب شَدَخَتْهُم جميعاً/، ورُوِيَ أنَّها طَبَّقَتْ عليهمُ الغَارَ فَهَلَكوا فيه حينَ هَلَكَ قَوْمُهُمْ، وكلُّ فَريقٍ لا يَعلم بِما جَرَى على الآخِرَ، وقَدْ كانوا بنوا على جحودِ الأمر من قرابةِ صالحٍ، ويعني بالأهل كلَّ مَنْ آمنَ بهِ قاله الحسن «٢» .

وقوله سبحانه: وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ قال ابن العربيّ الحاتميّ: المكر إرداف النّعم مع المخالفةِ وإبقاءِ الحالِ معَ سُوءِ الأدَب، انتهى من شرحه لألفاظ الصوفية.

والتدميرُ: الهلاكُ وخاوِيَةً مَعْنَاهُ: قَفْرا، وهذه البيوتُ المشارُ إليهَا هِي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلّم عَامَ تَبُوكَ: «لاَ تَدْخَلُوا بُيُوتَ المُعَذَّبِينَ إلاَّ أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ» «٣» . الحديثُ في «صحيحِ مُسْلِمٍ» وغيره.

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٥٤ الى ٥٨]

وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨)

وقوله تعالى: وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ تقدمَ قصصُ هؤلاءِ القومِ، وتُبْصِرُونَ معناه: بقلوبكم.

قال أبو حيان «٤» : وشَهْوَةً مفعولٌ منْ أجله، انتهى. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لَعَنَ الله مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ» «٥» . رواه أبو داود والترمذيّ والنسائيّ


(١) ينظر «المحرر» (٤/ ٢٦٤) .
(٢) ذكره ابن عطية (٤/ ٢٦٤) .
(٣) تقدم تخريجه في سورة الحجر. [.....]
(٤) ينظر: «البحر المحيط» (٧/ ٨٣) .
(٥) أخرجه ابن حبان (٥٣- موارد) من حديث ابن عباس مرفوعا: بلفظ: «لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن-

<<  <  ج: ص:  >  >>