للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: فَسُبْحانَ اللَّهِ ... الآية خطابٌ للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحضِّ على الصلاة في هذه الأوقات، كأنه يقول سبحانه: إذا كان أمر هذه الفرق هكذا من النقمة والعذاب، فجِدَّ أيها المؤمن في طريق الفوز برحمة الله. وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ إلى قوله:

وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي يَوْمِه ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي لَيْلَتِهِ» «١» . رواه أبو داود، انتهى من «السلاح» .

قال ابن عَبَّاس وغيره: في هذه الآية تنبيهٌ علَى أربع صلواتٍ: المغرب، والصبح، والظهر، والعصر «٢» ، قالوا: والعشاءُ الأخيرةُ هي في آية أخرى: في زلف الليل، وقد تقدم بيانُ هذا مُسْتَوْفَى في مَحَاله.

وقوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ... الآية، تقدم بيانُها. ثم بعد هذه الأَمثِلَةِ القاضيةِ بتجويز بعث الأجساد عقلاً ساق الخبر سبحانه بأن كذلك خروجنا من قبورنا، وتَنْتَشِرُونَ معناه: تتصرفون وتتفرقون، والمودة والرحمة: هما على بابهما المشهور من التواد والتراحم هذا هو البليغ. وقيل: غير هذا.


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٧٤٠) كتاب الأدب: باب ما يقول إذا أصبح حديث (٥٠٧٦) والطبراني في «الكبير» (١٢/ ٢٣٩) رقم (١٢٩٩١) كلاهما من طريق محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عباس مرفوعا. وعبد الرحمن البيلماني وابنه لا يحتج به.
والحديث ضعفه الزيلعي في «تخريج أحاديث الكشاف» (٣/ ٥٧) .
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠/ ١٧٤) رقم (٢٧٩١٩- ٢٧٩٢١- ٢٧٩٢٣) بنحوه، وذكره البغوي (٣/ ٤٧٩) ، وابن عطية (٤/ ٣٣٢) ، والسيوطي (٥/ ٢٩٥) ، بنحوه وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>