للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّنْيَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وابْنُ زَيْدٍ «١» : والمِعْشَارُ: العُشْرُ وَلَمْ يأتِ هَذا البِنَاءُ إلاَّ فِي العَشَرَةِ والأَرْبَعَةِ، فَقَالُوا: مِرْبَاعٌ وَمِعْشَارٌ و «النّكير» مصدر كالإنكار في المعنى، وكالعذير في الوزن، وفَكَيْفَ: تَعْظِيمٌ لِلأَمْرِ وَلَيْسَتْ اسْتِفْهَاماً مُجَرَّداً وَفِي هَذا تَهْدِيدٌ لِقُرَيْشٍ، أي: أنهم مُتَعَرِّضُونَ لِنَكِيرٍ مِثْلِهِ، ثم أمر- تعالى- نبيَّه عليه السلام أنْ يَدْعُوهُمْ إلَى عِبَادَةِ اللهِ- تَعَالَى- وَالنَّظَرِ فِي حَقِيقَةِ نُبُوَّتِهِ هُوَ، وَيَعِظُهُمْ بَأَمْرٍ مُقَرَّبٍ لِلأَفْهَامِ، فَقَوْلهُ: بِواحِدَةٍ معناه: بِقَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ إيجَازاً لَكُمْ وَتَقْرِيباً عَلَيْكُمْ وَهُوَ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ، أي: لأَجلِ اللهِ أو لِوَجْهِ اللهِ مَثْنَى أي: اثنين اثنين مُتَنَاظِرَيْنِ وفُرَادَى، أي: وَاحِداً وَاحِداً، ثمّ تتفكّروا، هل ٨١ ب بِصَاحِبِكُمْ جِنَّةُ، أو هُوَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكٍ، والوَقْفُ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ تَتَفَكَّرُوا/ فَيَجِيء: مَا بِصاحِبِكُمْ نَفْياً مُسْتَأْنِفاً، وَهُوَ عِنْدَ سِيبَوَيهِ جَوَابُ مَا تَنَزَّلُ مَنْزِلَة القَسَمِ وَقيلَ فِي الآيةِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا هُو بَعِيدٌ مِنَ أَلْفَاظِهَا فتعيّن تركه.

[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]

قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠)

وقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ مَعْنَى الآية بَيِّنٌ وَاضِح لاَ يَفْتَقِرُ إلَى بَيَانٍ.

وَقَوْلهُ: يَقْذِفُ بِالْحَقِّ يريدُ بالوَحْي وَآياتِ القُرآنِ وَاسْتَعَارَ لَه القَذْفَ مِنْ حَيْثُ كَانَ الكُفَّارُ يَرمُوْنَ بآياته وَحِكَمِهِ.

وَقَوْلهُ سُبْحَانَه: قُلْ جاءَ الْحَقُّ يُرِيدُ الشَّرْعَ بِجُمْلَتِهِ، وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ قَالَتْ فِرْقَةٌ: البَاطِلُ غَيْرُ الحَقِّ مِنَ الكَذِبِ وَالكُفْرِ وَنَحْوِه، اسْتَعَارَ لَهُ الإبْدَاءَ وَالإعَادَةَ وَنَفَاهُمَا عَنْه، كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا يَصْنَعُ البَاطِلُ شَيْئاً.

وَقَوْلهُ: فَبِما يُوحِي يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي أو مصدريّة.

[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٥١ الى ٥٤]

وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (٥٤)


(١) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (١٠/ ٣٨٤) رقم (٢٨٨٧٧) عن ابن عباس بنحوه، ورقم (٢٨٨٧٩) عن قتادة، (٢٨٨٨٠) عن ابن زيد، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٢٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٤٢) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٤٥٠) .
وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، ولابن المنذر عن ابن جريج، ولعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>