للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥٥ الى ٥٨]

إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)

وقوله تعالى: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ قال ابن عباس وغيره: هو افْتِضَاضُ الأبكار «١» .

وقال ابن عباس أيضاً: هو سماع الأوتارِ «٢» .

وقال مجاهد: معناهُ: نعيمٌ قَدْ شَغَلَهُمْ «٣» .

قال ع «٤» : وهذا هو القول الصحيح وتعيينُ شَيْءٍ دونَ شَيْءٍ لا قياسَ له.

وقوله سبحانه: هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ جاءَ في «صحيح البخاري» وغيره عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ: إمامٌ عادِلٌ، وَشَابٌ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّه، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالمَسْجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا في اللَّه، اجتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيه، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَال: إنِّي أخافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حتى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ تعالى خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» «٥» انتهى. وهذا الظِّلُّ المذكورُ في الحديث هو في المَحْشَرِ.

قال الشيخُ ابْنُ أبي جَمْرَةَ (رضي اللَّه عنه) : وظِلاَلُ الآخِرَةِ، ما فيها مُباحٌ بل كلُّها قد تملكت بالأَعْمَالِ التي عملها العاملون الذين هَدَاهُم اللَّه تعالى فليسَ هناك لصعلوكِ الأَعْمَالِ ظلٌّ، انتهى وهو كما قال، فشَمِّرْ عَنْ سَاقِ الجِدِّ إن أردت الفوز أيّها الأخ والسلام. والْأَرائِكِ: السررُ المفروشةُ، قيل: ومِنْ شَرْطِها أنْ تَكُونَ عليها حجلة وإلّا


(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٤٥٢) عن عبد الله بن مسعود برقم: (٢٩١٨٧) ، وعن ابن عبّاس برقم: (٢٩١٨٨) ، وعن سعيد بن المسيب برقم: (٢٩١٩١) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ١٥) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٥٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٥٠٠) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا في «صفة الجنة» ، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طرق عن ابن عبّاس. ولعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» ، وابن المنذر عن ابن مسعود. [.....]
(٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٥٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٧٥) .
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٤٥٢) برقم: (٢٩١٩٢) ، بلفظ: «في نعمة» ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٥٨) .
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٤٥٨) .
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>