للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ ... الآية، النُّصْبُ: المَشَقَّةُ، فيحتمل أن يشيرَ إلى مسّه حين سلَّطَهُ اللَّه على إهلاكِ مالِه وولدِه وجِسْمِه حَسْبَما رُوِيَ في ذلك، وقِيلَ: أشار إلى مسِّه إياه في تعرُّضِه لأَهْلِه وطلبهِ منْهَا أنْ تُشْرِكَ باللَّه فكأَنَّ أَيُّوبَ تشكى هذا الفَصْلَ، وكان عليه أشدَّ مِن مَرَضه، وهنا في الآية محذوفٌ تقديرُه: فاسْتَجَابَ له وقَال: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فَرُوِيَ أَن أيوب رَكَضَ الأرض فَنَبَعَتْ له عينُ ماءٍ صافيةٌ باردةٌ فشرِبَ منها، فذهَبَ كُلُّ مَرَضٍ في دَاخِلِ جَسَدهِ، ثم اغْتَسَلَ فذهبَ ما كانَ في ظاهِر بَدَنِه، ورُوِيَ أن اللَّه تعالى وَهَبَ له أهلَه ومالَه في الدنيا، ورَدَّ من ماتَ منهم، وما هلكَ من ماشيته وحالِه، ثم باركَ له في جميعِ ذلك، ورُوِيَ أن هذا كلَّه وُعِدَ به في الآخِرَة، والأول أكْثَرُ في قول المفسِّرين.

ت: وعن عبد اللَّه بن مسعود- رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ، إذَا أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حُزْنُ: اللَّهُمَّ، إني عَبْدُكَ وابْنُ عَبْدِكَ وابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسم هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوِ استأثرت بهِ في عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ العَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إلاَّ أذْهَبَ اللَّهُ غَمَّه وَأبدَلَه مكَانَ حُزْنِهِ فَرَحَاً، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: يَنْبَغي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَذِهِ الكَلِمَاتِ؟

قَالَ: أَجَلْ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ» «١» . قال صاحب «السِّلاَح» : رواه الحاكمُ في «المُسْتَدْرَكِ» ، وابنُ حِبَّانَ في «صحيحه» . ت: وروينَاهُ من طريقِ النوويِّ عنِ ابن السُّنِّيِّ بسندهِ عن أبي موسى الأشعريّ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفيه: «أنا عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابنُ أَمَتِكَ في قَبْضَتِكَ» ، وفيه: «فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: إنَّ المَغْبُونَ لَمَنْ غُبِنَ هَؤُلاَءِ الكلماتِ، فَقَالَ:

أَجَلْ، فَقُولُوهُنَّ/ وَعَلِّمُوهُنَّ مَنْ قَالَهُنَّ، التماس مَا فِيهِنَّ أَذْهَبَ اللَّهُ تعالى حُزْنَهُ وَأَطَالَ فَرَحَه» «٢» انتهى.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٤٥٢) ، وابن حبان في «صحيحه» (٣/ ٢٥٣) كتاب «الرقائق» باب: الأدعية ذكر الأمر لمن أصابه هم أو حزن أن يسأل الله ذهابه عنه وإبداله إياه فرحا (٩٧٢) ، وابن حبان (٧/ ٤٠٤، ٤٠٥) - الموارد باب: ما يقول إذا أصابه هم أو حزن (٢٣٧٢) ، وأبو يعلى (٩/ ١٩٨- ١٩٩) (٣٣١/ ٥٢٩٧) ، والحاكم (١/ ٥٠٩) كتاب «الدعاء» والشجري في «أماليه» (١/ ٢٩٩) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠/ ١٣٩) ، (١٠/ ١٨٩- ١٩٠) .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم إن سلّم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه فإنه مختلف في سماعه عن أبيه. ا. هـ.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠/ ١٣٩) رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان.
(٢) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٣٣٤) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>