للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموتُ وفاة «١» وكثَّرَ الناسُ في هذه الآية، وفي الفَرْقِ بَيْنَ النَّفْسِ والرُّوحِ، وَفَرَقَ قَوْمٌ بَيْنَ نَفْسِ التمييزِ ونفس التخيُّل إلى غير ذلك مِن الأقوال التي هي غَلَبةُ ظَنٍّ، وحقيقةُ الأمْرِ في هذا هي مما استأثر اللَّه به وَغَيَّبَهُ عن عِبَادِهِ في قوله: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:

٨٥] ، ويكفيكَ أن في هذه الآية يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ، وفي الحديثِ الصحيحِ: إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أرْوَاحَنَا حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْنَا حِينَ شَاءَ «٢» . وفي حديث بلالٍ في الوَادي فقد نطقتِ الشريعةُ بقَبْضِ الرُّوحِ والنَّفْس، وقد قال تعالى: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي والظاهرُ أنَّ الخَوْضَ في هذا كُلِّهِ عَنَاءٌ، وإنْ كَان قَد تعرَّضَ للقَوْلِ في هذا ونحوه أئمةٌ، ذَكَرَ الثعلبيُّ عن ابن عباس أنه قال: «في ابن آدم نَفْسٌ ورُوحٌ بَيْنَهُمَا مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ، فالنَّفْسُ هِيَ الَّتي بها العَقْلُ والتمييزُ، والرُّوحُ هي التي بها النَّفَسُ والتَّحَرُّكُ، فإذا نام العَبْدُ قَبَضَ اللَّهُ تعالى نَفْسَهُ ولم يَقْبِضْ رُوحَه» «٣» ، وجاءَ في آداب النَّوم وأذكار النائِم أحاديثُ صحيحةٌ ينبغي للعبدِ ألاَّ يُخْلِيَ نفسَه مِنها، وقد روى جابرُ بن عبد اللَّه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه قال: «إذا أَوَى الرَّجُلُ إلى فِرَاشِهِ، ابتدره مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ، فيقُولُ المَلَكُ: اختم بِخَيْرٍ، ويقُولُ الشَّيْطَانُ:

اختم بِشَرٍّ، فَإنْ ذَكَرَ اللَّهَ تعالى، ثُمَّ نَامَ بَاتَ المَلَكُ يَكْلَؤُهُ، فَإنِ استيقظ قال الملكُ:

افتح بِخَيْرٍ، وَقَالَ الشَّيْطَانُ: افتح بِشَرٍّ، فإنْ قَالَ: الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي رَدَّ إلَيَّ نَفْسِي، وَلَمْ يُمِتْهَا في مَنَامِهَا، الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ، وَلَئِنْ زَالَتَا إنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ/ إلاَّ بِإذْنِهِ، إنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ، فإن وَقَعَ مِنْ سَرِيرهِ، فَمَاتَ، دَخَلَ الجنة» «٤» ، رواه


(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١/ ١٠) برقم: (٣٠١٦٣) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٣٣) .
(٢) أخرجه البخاري (٢/ ٧٩- ٨٠) كتاب «مواقيت الصلاة» باب: الأذان بعد ذهاب الوقت برقم: (٥٩٥) ، (١٣/ ٤٥٥) كتاب «التوحيد» باب: في المشيئة والإرادة (٧٤٧١) ، وأحمد (٥/ ٣٠٧) ، والبيهقي (١/ ٤٠٣- ٤٠٤) كتاب «الصلاة» باب: الأذان والإقامة للفئة، (٢/ ٢١٦) كتاب «الصلاة» باب: لا تفريط على من نام عن صلاة أو نسيها، وأبو داود (١/ ١٧٤) كتاب «الصلاة» باب: من نام عن صلاة أو نسيها (٤٣٩) ، والنسائي (٢/ ١٠٥- ١٠٦) كتاب «الإمامة» باب: الجماع للفائت من الصلاة برقم: (٨٤٦) ، وابن حبان في «صحيحه» (٤/ ٤٤٨) كتاب «الصلاة» باب: ذكر خبر أوهم غير المتبحر في صناعة العلم: أن الصلاة الفائتة لا تؤدى عند طلوع الشمس حتى تبيض، (١٥٧٩) ، وذكره البغوي في «شرح السنة» (٢/ ٨٦) كتاب «الصلاة» باب: الأذان للفائتة والإقامة لها (٤٣٩) .
كلهم عن أبي قتادة عن أبيه، إلا أن بعضهم زاد، وبعضهم رواه مختصرا. [.....]
(٣) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٣٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٦١٦) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (١/ ٥٤٨) كتاب «الدعاء» ، وابن حبان (٧/ ٣٨٩- ٣٩٠) - الموارد

<<  <  ج: ص:  >  >>