للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجُفُونِ والغَمْزُ بالعَيْنِ، أو النظرةُ التي تُفْهِمُ معنى ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم [لأصحابِه في شَأْنِ رَجُلٍ ارتد ثمَّ جَاء لِيُسْلِمَ: «هَلاَّ قَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْكُمْ حِينَ تَلَكَّأْتُ عَنْهُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ؟ فقالُوا:

يَا رَسُولَ الله، ألا أو مأت إلينا؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم] «١» : مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ» «٢» ، وفي بعضِ الكتبِ المنزَّلةِ مِنْ قَولِ اللَّه عزَّ وجلَّ/: أَنَا مِرْصَادُ الْهِمَمِ أَنَا العَالِمُ بِمَجَالِ الْفِكْرِ وَكَسْرِ الجُفُونِ، وقال مجاهدٌ: «خائنة الأعين» : مُسَارَقَةُ النظرِ إلى مَا لاَ يَجُوزُ «٣» ، ثم قَوَّى تعالى هذا الإخبارَ بقولهِ: وَما تُخْفِي الصُّدُورُ مما لمْ يَظْهَر على عينٍ ولا غَيْرِهَا، وأسند أبو بكر بن الخَطِيبِ عن مولى أمِّ مَعْبَدٍ الخُزَاعِيَّةِ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يدعو: «اللهمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنَ النِّفَاقِ، وَعَمَلِي مِنَ الرِّيَاءِ، وَلِسَانِي مِنَ الكَذِبِ، وعَيْنِي مِنَ الخِيَانَةِ فإنَّكَ تَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُدُورُ» «٤» ، انتهى. قال القُشَيْرِيُّ في: «التحبير» وَمَنْ عَلِمَ اطِّلاَعَ الحقِّ- تعالى عليه- يكونُ مُرَاقِباً لربِّهِ وعلامتُه أنْ يكونَ مُحَاسِباً لِنَفْسِهِ، ومَنْ لم تَصِحَّ محاسبتُهُ، لم تصحَّ مراقبتُهُ، وسُئِلَ بعضُهُمْ عَمَّا يَسْتَعِينُ به العبدُ على حفظِ البصر، فقال:

يَسْتَعِينُ عليه بعلمِه أنَّ نظرَ اللَّه إليه سَابِقٌ على نظرِهِ إلى مَا ينظرُ إليه، انتهى.

وقوله سبحانه: وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ أي: يجازي الحسنةَ بعَشْرٍ والسيئةَ بمثلِها، ويُنْصِفُ المظلومَ من الظالمِ إلى غير ذلك من أقضية الحقِّ والعدلِ، والأصْنامُ لا تقضي بشيء، ولا تنفّذ أمرا، ويَدْعُونَ معناه: يعبدون.

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٢١ الى ٢٥]

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٢٥)


(١) سقط في: د.
(٢) أخرجه النسائي (٧/ ١٠٥) كتاب «تحريم الدم» باب: الحكم في المرتد برقم: (٤٠٦٧) ، والحاكم (٢/ ٥٤) ، والدارقطني (٣/ ٥٩) ، والبيهقي (٨/ ٢٠٢) من حديث سعد بن أبي وقاص.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١/ ٥٠) برقم: (٣٠٣١٧) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ٩٥) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٥٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٦٥٣) ، وعزاه السيوطي لعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٤) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٥/ ٢٦٨) ، وذكره الهندي في «كنز العمال» (٢/ ١٨٤) (٣٦٦٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٣٤٩) ، وعزاه إلى الحكيم الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>