للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الْمُعْتَقَدُ إن شاء اللَّه، وذلك أَنَّ العصاة من أُمَّةِ محمَّد وغيرها فرقتان: فأَمَّا مَنْ غفر اللَّه له، وترك تعذيبه، فلا محالة أَنَّه مِمَّن/ تتنزَّل عليهم الملائكة بالبشارة، وهو إنَّما استقام على توحيده فَقَطْ، وأَمَّا مَنْ قَضَى اللَّهُ بِتَعْذِيبِهِ مُدَّةً، ثم [يأمر] بإدخاله الجَنَّةَ، فلا محالة أَنَّه يلقى جميعَ ذلك عند مَوْتِهِ وَيَعْلَمُهُ، وليس يَصِحُّ أنْ تكون حاله كحالة الكافر واليائِسِ مِنْ رحمة اللَّه، وإذا كان هذا فقَدْ حَصَلَتْ له بشارة بأَلاَّ يخافَ الخُلُودَ، ولا يحزنَ منه، ويدخل فيمن يقال لهم: أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ومع هذا كله فلا يختلف في أَنَّ المُوَحِّدَ المستقيمَ عَلَى الطَّاعَةِ أَتَمُّ حالاً وأَكمل بشارةً، وهو مقصد أمير المؤمنين عمر- رضي اللَّه عنه-، وبالجملة، فكُلَّما كان المرءُ أشَدَّ استعدادا، كان أسْرَعَ فوزاً بفَضْلِ اللَّه تعالى قال الثعلبيُّ: قوله تعالى: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أي: عند الموت أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا قال وَكِيعٌ: والبشرى في ثلاثة مَوَاطِنَ: عند الموت، وفي القبر، وعند البعث، وفي البخاريّ: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أي: عند الموت «١» ، انتهى، قال ابن العربيِّ في «أحكامه» «٢» : تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ

قال المُفَسِّرُونَ: عند الموت، وأنا أقول: كُلَّ يَوْم، وأَوْكَدُ الأيام: يومُ الموت، وحينَ القَبْرِ، ويَوْمُ الفزع الأكبر، وفي ذلك آثار بَيَّنَّاها في موضعها، انتهى، قال ع «٣» : قوله تعالى: أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا: أَمَنَةٌ عامَّةٌ في كُلِّ هَمِّ مستأنفٍ، وتسليةٌ تَامَّةٌ عن كُلِّ فَائِتٍ مَاضٍ، وقال مجاهدٌ: المعنى: لا تخافُونَ ما تَقْدُمُونَ عليه، ولا تحزنوا على ما خلّفتم من دنياكم.


- قال الحاكم (١/ ٣٥١) : هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقد كنت أمليت حكاية أبي زرعة وآخر كلامه كان سياقه هذا الحديث.
قال ابن حجر في «تلخيص الحبير» (٢/ ٢١١) كتاب «الجنائز» ، أعله ابن القطان بصالح بن أبي عريب، وأنه لا يعرف، وتعقب بأنه روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في «الثقات» .
وفي الباب من حديث أبي هريرة: أخرجه ابن حبان (٢/ ٤٦٣) - الموارد (٩١٧) نحوه، وابن حبان (٧/ ٢٧٢) كتاب «الجنائز» باب: فصل في المحتضر، ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر (٣٠٠٤) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (٣/ ٣٨٧) كتاب «الجنائز» باب: تلقنة المريض (٦٠٤٥) نحوه.
وأخرجه مختصرا: مسلم (٢/ ٦٣١) كتاب «الجنائز» باب: تلقين الموتى لا إله إلّا الله (٢/ ٩١٧) ، وأبو يعلى (١١/ ٤٤) (٣٤٤/ ٦١٨٤) ، وابن ماجه (١/ ٤٦٤) كتاب «الجنائز» باب: ما جاء في تلقين الميت لا إله إلّا الله (١٤٤٤) ، والبيهقي (٣/ ٣٨٣) كتاب «الجنائز» باب: ما يستحب من تلقين الميت إذا حضر، وابن الجارود في «المنتقى» (١٣٦) ، (٥١٣) .
(١) ينظر: «صحيح البخاري» (٨/ ٤١٨) كتاب «التفسير» باب: سورة حم السجدة.
(٢) ينظر: «الأحكام» (٤/ ١٦٦١) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>