للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير سورة الزّخرف

وهي مكّيّة

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤)

حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ وَالْكِتابِ: خُفِضَ بواو القَسَمِ، والضمير في جَعَلْناهُ عائد على الكتاب، وَإِنَّهُ عطف على جَعَلْناهُ، وهذا الإخبارُ الثَّانِي وَاقِعٌ أيضا تحت القسم، وأُمِّ الْكِتابِ: اللوح المحفوظ، وهذا فيه تشريفٌ للقرآن، وترفيع، واخْتَلَفَ المُتَأَوِّلُون: كيف هو في أُمِّ الكتاب؟ فقال قتادة وغيره: القرآن بأجمعه فيه منسوخ، ومنه كان جبريل ينزل، وهنالك هو عَلِيٌّ حكيم «١» ، وقال جمهور الناس: إنَّما في اللوح المحفوظ ذِكْرُهُ ودرجته ومكانته من العُلُوِّ والحكمة.

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٥ الى ٨]

أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (٥) وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٧) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨)

وقوله سبحانه: أَفَنَضْرِبُ بمعنى: أفنترك تقول العرب: أَضْرَبْتُ عن كذا وضَرَبْتُ: إذا أَعْرَضْتَ عنه وتركته، والذِّكْرَ هو: الدعاء إلى اللَّه، والتذكير بعذابِه، والتخويف من عقابه، وقال أبو صالح: الذِّكْرُ هنا أراد به العذاب نفسه «٢» ، وقال الضَّحَّاكُ ومجاهد: الذكر القرآن «٣» .

وقوله: صَفْحاً: يحتمل أَنْ يكون بمعنى العفو والغفر للذنوب، فكأَنَّهُ يقول:

أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفواً عنكم، وغفراً لإجرامكم من أجل أنْ كنتم قوماً مسرفين، أي: هذا لا يصلح وهذا قول ابن عباس ومجاهد «٤» ويحتمل قوله: صَفْحاً أن يكون


(١) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٥/ ٤٥) .
(٢) ينظر: المصدر السابق.
(٣) ينظر: المصدر السابق.
(٤) أخرجه الطبري (١١/ ١٦٧) برقم: (٣٠٧٧٠- ٣٠٧٧١) عن قتادة نحوه، والبغوي في «تفسيره» (٤/ ١٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>