للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشربا، قال: فأخذتُ الكُوزَ فَشَرِبْنَا منه، فإذا هو أطيبُ مِنَ المِسْكِ، وأبردُ مِنَ الثَّلْجِ، وأحلى من العَسَلِ، فقلت: مَنْ أَنْتَ- رَحِمَكَ اللَّه؟ - فقال: عبدٌ لمولاكَ، فقلْتُ له: بِمَ وَصَلْتَ إلى هذا؟ فقال: تركْتُ هَوَايَ لمَرْضَاتِهِ، فأجلَسَنِي في الهواء، ثُمَّ غَابَ عَنِّي، ولم أره، انتهى.

وقوله تعالى: عَلى عِلْمٍ قال ابن عباس «١» : المعنى: على عِلْمٍ من اللَّه تعالى سَابِقٍ، وقالت فرقة: أي: على عِلْمٍ من هذا الضَّالِّ بتَرْكِهِ للحَقِّ وإعراضِهِ عنه، فتكُونُ الآية على هذا التأويل من آيات العِنَادِ من نحو قوله: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ [النمل: ١٤] .

وقوله تعالى: وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً استعاراتٌ كُلُّهَا.

وقوله: مِنْ بَعْدِ اللَّهِ فِيهِ حَذْفُ مضافٍ، تقديره: مِنْ بعدِ إضلالِ اللَّهِ إيَّاه، واخْتُلِفَ في معنى قولهم: نَمُوتُ وَنَحْيا فقالت فرقة: المعنى: يَمُوتُ الآباء، ويحيا الأبناء، وقالت فرقة: المعنى: نَحْيَا ونَمُوتُ، / فوقع في اللفظ تقديم وتأخير، وقولهم:

وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ أي: طول الزمان.

[سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ٢٥ الى ٢٩]

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ مَّا كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩)

وقوله سبحانه: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ يعني: قريشاً، مَّا كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا أي: يا محمَّد، أَحْيِ لنا قُصَيًّا حتى نَسْأَلَهُ، إلى غَيْرِ ذلك من هذا النحو، فنزلت الآية في ذلك، ومعنى إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أي: في قولكُمْ أَنَّا نُبْعَثُ بعد الموت.

ثم أمر اللَّه تعالى نَبِيَّه أنْ يخبرَهم بالحال السابقة في علم اللَّه التي لا تُبَدَّلُ بأَنَّه يحيي الخلق ثم يميتهم ... إلى آخر الآية، وباقي الآية بيّن.


(١) أخرجه الطبري (١١/ ٢٦٢) برقم: (٣١٢٠٣) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٨٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٧٥٨) ، وعزاه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، واللالكائي في «السنة» ، والبيهقي في «الأسماء والصفات» .

<<  <  ج: ص:  >  >>