للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الأحقاف]

وهي مكّيّة إلّا آيتين، وهما قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ ... الآية، وقوله سبحانه: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ الآية.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (٣) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤)

وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (٥)

قوله سبحانه: حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ يعني: القرآن.

وقوله سبحانه: ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ: هذه الآية موعظة، وزَجْرٌ، المعنى: فانتبهوا أَيُّهَا الناسُ، وانظروا ما يُرَادُ بكم ولِمَ خُلِقْتُمْ، «والأَجَلُ المسمى» : هو يَوْمُ القيامةِ.

وقوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ [معناه «١» :] ما تَعْبُدُونَ، ثم وقفهم على السموات هَلْ لهم فيها شِرْكٌ، ثم استدعى منهم كتاباً مُنَزَّلاً قبل القرآن يتضمَّن عبادَةَ الأَصْنَامِ، قال ابنُ العَرَبَيِّ في «أحكامه» «٢» : هذه الآيةُ مِنْ أَشْرَفِ آية في القرآن فإنَّها استوفَتِ الدَّلالَةَ على الشرائع عَقْلِيِّهَا وسَمْعِيِّها لقوله- عزَّ وجلَّ-: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ فهذا بيانٌ لأدِلَّة العَقْلِ المتعلِّقة بالتوحيدِ، وحُدُوثِ العالم، وانفراد البارِي تعالى بالقدرة والعِلْمِ والوجُودِ والخَلْقِ، ثم قال:

ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا: على ما تقولون، وهذا بيان لأدلَّة السَّمْعِ فَإنَّ مدرك الحق إنما يكون بدليل العقل أو بدليل الشرع، حسبما بَيَّنَّاهُ من مراتب الأدلّة في كتب الأصول،


(١) سقط في: د.
(٢) ينظر: «أحكام القرآن» (٤/ ١٦٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>