للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سهمه، وثاب الماء حتى كَفَى الجيش، واتَّفَقَتْ بيعةُ الرضوان، وهي الفتح الأعظم قاله جابر بن عبد اللَّه والبَرَاءُ بن عازب «١» ، وبلغ هَدْيُهُ مَحِلَّهُ قاله الشَّعْبِيُّ «٢» ، واستقبل فتح خيبر، وامتلأت أيدي المؤمنين، وظهرت في ذلك الوقت الروم على فارس، فكانت من جملة الفتح فسرّ بها صلّى الله عليه وسلّم هو والمؤمنون لظهور أهل الكتاب على المجوس، وشَرَّفَه اللَّه بأنْ أخبره أَنَّه قد غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تأخر، أي: وإِنْ لم يكن ذنب.

ت: قال الثعلبيُّ: قوله: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ قال أبو حاتم: هذه لام القسم، لما حُذِفَتِ النون من فعله كُسِرَتْ، ونُصِبَ فعلها تشبيهاً بلام «كي» ، انتهى.

قال عياض: ومقصد الآية أَنَّك مغفور لك، غيرَ مؤاخذ بذنب، إنْ لو كان، انتهى.

قال أبو حيان «٣» : لِيَغْفِرَ اللام لِلْعِلَّةِ، وقال ع: هي لام الصيرورة، وقيل:

هي لام القسم، ورُدَّ بأنَّ لام القسم لا تُكْسَرُ وَلا يُنْصَبُ بها، وأُجِيبَ بأَنَّ الكَسْرَ قد عُلِّلَ بالحمل على «لام كي» وأَمَّا الحركة فليست نصباً بل هي الفتحة الموجودة مع النون، بَقِيَتْ بعد حذفها دَالَّةً على المحذوف، ورُدَّ باَّنَّهُ لم يُحْفَظْ من كلامهم: واللَّهِ ليقوم ولا باللَّه ليخرج زيد، انتهى.

وفي «صحيح البخاريِّ» عن أنس بن مالك: «إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحَاً مُبِيناً» : الحديبية «٤» ، انتهى.

وقوله سبحانه: وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ أي: / بإظهارك وتغليبك على عَدُوِّك، والرُّضْوَانُ في الآخرة والسَّكِينَةُ فعيلة من السكون، وهو تسكين قلوبهم لتلك الهُدْنَةِ مع قريش حتَّى اطمأَنَّتْ، وعلموا أنّ وعد الله حق.

[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ٥ الى ٧]

لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (٧)


(١) أخرجه الطبري (١١/ ٣٣٤) برقم: (٣١٤٦١- ٣١٤٦٢) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ١٨٨) عن البراء بن عازب، وذكره ابن عطية (٥/ ١٢٥) ، وابن كثير (٤/ ١٨٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٨) .
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ١٢٥) .
(٣) ينظر: «البحر المحيط» (٨/ ٩٠) .
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٤٤٧) كتاب «التفسير» باب: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (٤٨٣٤) ، والطبري (١١/ ٣٣٣) (٣١٤٥٨) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ١٨٨) ، وابن عطية، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٨) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وابن مردويه، والبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>