للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه تعالى [على عباده] «١» بأدبه في استعمال الاستثناء في كل فعل.

ت: قال ثعلب: استثنى اللَّه تعالى فيما يعلم ليستثنيَ الخَلْقُ فيما لا يعلمون، وقيل غير هذا، ولما نزلت هذه الآية عَلِمَ المسلمون أَنَّ تلك الرؤيا ستخرج فيما يستأنفونه من الزمان، فكان كذلك، فخرج صلّى الله عليه وسلّم في العام المُقْبِلِ واعتمر.

وقوله سبحانه: فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا يريد ما قَدَّرَهُ من ظهور الإسلام في تلك المدة ودخول الناس فيه.

وقوله: مِنْ دُونِ ذلِكَ أي: من قبل ذلك، وفيما يدنو إليكم، واختلف في الفتح القريب، فقال كثير من العلماء: هو بيعة الرضوان وصُلْحُ الحديبية، وقال ابن زيد «٢» : هو فتح خيبر.

[[سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٩]]

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩)

وقوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قال جمهور الناس: هو ابتداء وخبر، استوفى فيه تعظيمَ منزلة النبي صلّى الله عليه وسلّم.

وقوله: وَالَّذِينَ مَعَهُ ابتداء، وخبره: أَشِدَّاءُ ورُحَماءُ خبر ثانٍ، وهذا هو الراجح لأَنَّهُ خبر مضاد لقول الكفار: «لا تكتب مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» ، وَالَّذِينَ مَعَهُ إشارة إلى جميع الصحابة عند الجمهور، وحكى الثعلبيُّ عن ابن عباس أَنَّ الإشارة إلى مَنْ شَهِدَ الحديبية «٣» .

ت: ووصف تعالى الصحابة بأَنَّهُمْ رحماء بينهم، وقد جاءت أحاديثُ صحيحةٌ في تراحم المؤمنين حدثنا الشيخ وليُّ الدين العراقيُّ بسنده عن عبد اللَّه بن عمرو بن/ العاصي أَنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرحمن ارْحَمُوا مَنْ في الأرض


(١) سقط في: د. [.....]
(٢) أخرجه الطبري (١١/ ٣٦٨) برقم: (٣١٦١٠) ، وذكره ابن عطية (٥/ ١٤٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٧٩) ، وعزاه لابن جرير.
(٣) ذكره ابن عطية (٥/ ١٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>