للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنية، ترتفعُ طائفةٌ من الأجرام، وتَنْخَفِضُ أُخْرَى، فكأَنَّها عبارة عن شِدَّةِ هول القيامة.

ت: والأَوَّلُ أبين، وهو تفسير البخاريِّ، ومعنى رُجَّتِ: زُلْزِلَتْ وَحُرِّكَتْ بعنف قاله ابن عباس «١» ، ومعنى بُسَّتِ: فُتَّتْ كما تُبَسُّ البَسِيسَةُ وهي السَّوِيقُ قاله ابن عباس وغيره «٢» ، وقال بعض اللغويين: «بست» معناه: سيِّرَتْ، والهباء: ما يتطاير في الهواء من الأجزاء الدقيقة، ولا يكاد يرى إلا في الشمس إذا دخلتْ من كُوَّةٍ قاله ابن عباس وغيره «٣» ، والمُنْبَثُّ- بالثاء المثلثة-: الشائع في جميع الهواء، والخطاب في قوله: وَكُنْتُمْ لجميع العالم، والأزواج: الأنواع، قال قتادة «٤» : هذه منازل الناس يوم القيامة.

[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٨ الى ١٢]

فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢)

وقوله سبحانه: فَأَصْحابُ/ الْمَيْمَنَةِ: ابتداء، وما ابتداء ثان، وأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ: خبرُ مَا، والجملة خبر الابتداء الأوَّلِ، وفي الكلام معنى التعظيم كما تقول: زيد ما زيد، ونظير هذا في القرآن كثير، والميمنة أظهر ما في اشتقاقها أَنَّها من ناحية اليمين، وقيل من اليمْن، وكذلك المشأمة: إمَّا أَنْ تكونَ من اليد الشُّؤْمى، وإمَّا أَنْ تكونَ من الشؤم، وقد فُسِّرَتِ الآيةُ بهذين المعنيين.

وقوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ: ابتداء، والسَّابِقُونَ الثاني: قال سيبويه: هو خبر الأَوَّلِ، وهذا على معنى تفخيم الأمر وتعظيمه، وقال بعض النحاة: السابقون الثاني نَعْتٌ للأوَّلِ، ومعنى الصفة أَنْ تقولَ: والسابقون إلى الإيمان السابقونَ إلى الجنة والرحمة أَولئك، وَيَتَّجِهُ هذا المعنى على الابتداء والخبر.

وقوله: أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ: ابتداء وخبر، وهو في موضع الخبر على قول مَنْ


(١) أخرجه الطبري (١١/ ٦٢٣) برقم: (٣٣٢٥٤) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٨٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١٦) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (١١/ ٦٢٤) برقم: (٣٣٢٥٨) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٨٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١٦) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) ذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٩) .
(٤) أخرجه الطبري (١١/ ٦٢٦) برقم: (٣٣٢٧٣) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٤٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١٧) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>