للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أَوْسٍ، وأَمَرَهُ بِالتَّكْفِيرِ، فَكَفَّرَ بِالإطْعَامِ، وَأَمْسَكَ أَهْلَهُ» «١» قال ابن العربي في «أحكامه» «٢» : والأشبه في اسم هذه المرأة أَنَّها خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ، امرأةُ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، وعلى هذا اعتمد الفخر قال الفخر «٣» : هذه الواقعة تَدُلُّ على أَنَّ مَنِ انقطع رجاؤه من الخلق، ولم يبق له في مُهِمِّة أحدٌ إلاَّ الخالق- كفاه اللَّهُ ذلك المهم، انتهى، والمحاورة: مراجعةُ القولِ ومعاطاته، وفي مصحف ابن مسعود «٤» : «تُحَاوِرُكَ في زَوْجِهَا» والظِّهَارُ: قولُ الرجلِ لامرأته: أنتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي، يريد في التحريم كَأَنَّها إشارة إلى الركوبِ، إذ عُرْفُهُ في ظهور الحيوان، وكان أهلُ الجاهلية يفعلون ذلك، فَرَدَّ اللَّه بهذه الآية على فعلهم، وأخبر بالحقيقة من أَنَّ الأُمَّ هي الوالدة، وأَمَّا الزوجةُ فلا يكونُ حكمُهَا حُكْمَ الأُمِّ، وجعل اللَّه سبحانه القول بالظهار مُنْكَراً وزوراً، فهو مُحَرَّمٌ، لَكِنَّهُ إذَا وقع لزم هكذا قال فيه أهل العلم، لكنَّ تحريمه تحريمُ المكروهات جدًّا، وقد رَجَّى اللَّه تعالى بعده بأَنَّهُ عَفُوٌّ غفور مع الكَفَّارَةِ.

وقوله سبحانه: ثُمَّ يَعُودُونَ ... الآية.

ت: اخْتُلِفَ في معنى العَوْدِ، والعود في «المُوَطَّإ» : العزم على/ الوطء والإمساك مَعاً، وفي «المُدَوَّنَةِ» : العزمُ على الوطء خاصَّةً.

وقوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا، قال الجمهور: وهذا عامٌّ في نوع المسيس الوطء والمباشرة، فلا يجوز لِمُظَاهِرٍ أَنْ يطأَ، ولا أَنْ يُقَبِّلَ أو يَلْمَسَ بيده، أو يفعَلَ شيئاً من هذا النوع إلاَّ بعد الكفارة وهذا قول مالك رحمه اللَّه.

وقوله تعالى: ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ: إشارة إلى التحذير، أي: فَعَلَ ذلك عظةً لكم لتنتهوا عن الظهار.

وقوله سبحانه: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ: قال الفخر «٥» : الاستطاعة فوق الوسع والوسع فوق الطاقة، فالاستطاعة هي أَنْ يتمكَّنَ الإنسان من الفعل على سبيل السهولة، انتهى،


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٢٦٥) ، كتاب «الطلاق» باب: في الظهار، حديث (٢٢١٣) .
(٢) ينظر: «أحكام القرآن» (٤/ ١٧٤٥) .
(٣) ينظر: «تفسير الرازي» (٢٩/ ٢١٨) .
(٤) ينظر: «الشواذ» ص: (١٥٤) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٧٣) .
(٥) ينظر: «تفسير الرازي» (٢٩/ ٢٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>