للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لا يفعلُ مُوجِبٌ مَقْتَ اللَّهِ تعالى، ولذلك فرَّ كثيرٌ من العلماءِ عَنِ الوَعْظِ والتذكيرِ وآثرُوا السكوتَ، /- قلت-: وهَذا بحسَبِ فِقْهِ الحالِ إنْ وَجَدَ الإنْسانُ مَنْ يكفِيه هذه المئونة في وقتهِ، فَقَدْ يَسَعُه السكوتُ وإلا فَلاَ يسعُه، قال الباجي في «سنن الصالحين» له: قال الأصمعي: بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الحكماءِ كَانَ يقول: إني لأَعظكُم وإنّي لَكَثيرُ الذنوبِ، وَلَوْ أن أحَداً لاَ يَعِظُ أخاه حَتَّى يُحْكِمَ أَمْرَ نَفْسِهِ لتُرِكَ الأَمْرُ بالخيرِ، واقْتُصِرَ عَلى الشَّرِّ، ولكنَّ محادثةَ الإخوانِ حياةُ القلوبِ وجَلاَء النُّفُوسِ وتَذْكِيرٌ مِنَ النسيانِ، وقال أبو حازم: إني لأعظ الناسَ وما أنا بموضعٍ للوَعْظِ «١» ، ولكنْ أريدُ به نَفْسِي، وقَالَ الحسنُ لمطرف: عِظْ أصْحَابَكَ، فَقَالَ: إنِّي أخافُ أنْ أقولَ ما لا أفعل فقالَ: رحمك اللَّه وأيُّنَا يَفْعَلُ ما يقول، وَدَّ الشيطانُ أنه لَو ظَفَرَ منكم بهذهِ فَلَمْ يأمُرْ أحدٌ منكم بمعروف، ولم ينه عن منكر، انتهى.

[سورة الصف (٦١) : الآيات ٤ الى ٩]

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨)

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩)

وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ ... الآية، قال معاذ بن جبل: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «مَنْ قَاتَلَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ فَقَدْ وَجَبَتْ له الجنة، وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ القَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقاً، ثُمَّ مَاتَ أو قتل فإنّ له أجر شهيد» «٢» ،


(١) في د: للموعظ.
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٢٥) ، كتاب «الجهاد» باب: فيمن سأل الله تعالى الشهادة (٢٥٤١) ، والترمذي (٤/ ١٨٣) ، كتاب «فضائل الجهاد» باب: ما جاء فيمن سأل الشهادة (١٦٥٤) مختصرا، والنسائي (٦/ ٢٥- ٢٦) ، كتاب «الجهاد» باب: ثواب مَنْ قَاتَلَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ (٣١٤١) ، وابن ماجه (٢/ ٩٣٣- ٩٣٤) ، كتاب «الجهاد» باب: القتال في سبيل الله سبحانه (٢٧٩٢) ، والحاكم (٢/ ٧٧) ، وابن حبان (١٠/ ٤٧٨- ٤٧٩) ، كتاب «السير» باب: فضل «الجهاد» : ذكر إيجاب الجنة لمن قاتل في سبيل الله قل ثباته فيه أو كثر (٤٦١٨) مختصرا، وأخرجه البيهقي (٩/ ١٧٠) ، كتاب «السير» باب: تمني الشهادة ومسألتها، وأحمد (٥/ ٢٣٠- ٢٣١، ٢٣٥، ٢٤٣- ٢٤٤) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (٥/ ٢٥٥) ، كتاب «الجهاد» باب: الفرار من الزحف (٩٥٣٤) ، والدارمي (٢/ ٢٠١) ، كتاب «الجهاد» باب: مَنْ قَاتَلَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ. -

<<  <  ج: ص:  >  >>