للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العطفَ على الضميرِ المخفوضِ دُونَ إعَادَةِ الخَافِضِ، وذلك لاَ يَحْسن ت: بلْ هُوَ حَسَنٌ إذ قَدْ أتى في النظم والنَّثْرِ «١» الصحيحِ، مُثْبَتاً، وقرأ عكرمة «٢» : «تعالى جَدٌّ رَبُّنَا» - بِفَتْحِ الجيمِ وضَمِّ الدالِ وتَنْوِينِهِ ورفْعِ الرَّبِّ-، كأنه يقول: تعَالَى عَظِيمٌ هو ربُّنا، فَ «رَبُّنَا» بدَلٌ والجَدُّ: العَظِيمُ في اللغةِ، وقرأ أبو الدرداء: «تعالى ذِكْرُ رَبِّنَا» ورُوي عنه: «تعالى جلال ربّنا» .

[سورة الجن (٧٢) : الآيات ٤ الى ٥]

وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (٥)

وقوله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا لا خِلاَفَ أن هَذَا مِنْ قَوْلِ الجِنَّ، والسفيهُ:

المذكورُ قال جمهورٌ من المفسرينَ: هُو إبليسُ- لعنه اللَّه-، وقال آخرونَ: هو اسْمُ جنسٍ لكلِّ سفيهٍ مِنْهُمْ وَلاَ مَحَالَة أَنَّ إبليسَ صَدْرٌ في السفاهةِ، وهذا القول أحْسَنُ، والشَّطَطُ:

التَّعَدِّي وتجاوُزُ الحدّ بقولٍ أو فعل، - ص-: شَطَطاً أبو البقاءِ: نَعْتٌ لمصدَرٍ محذوفٍ، أي: قَوْلاً شَطَطَا، انتهى، ثم قال أولَئِكَ النفرُ: وَأَنَّا ظَنَنَّا قبلَ إيماننا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً في جِهَةِ الألوهية وما يتعلق بذلك.

[سورة الجن (٧٢) : الآيات ٦ الى ١٠]

وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠)


(١) في د: النثر والنظم.
(٢) قال أبو الفتح: وغلّط الذي رواه (يعني عن عكرمة) ، قال:
فأما «جدّ ربّنا» فإنه على إنكار ابن مجاهد صحيح وذلك أنه أراد: وأنه تعالى جدّ جدّ ربّنا على البدل، ثم حذف الثاني، وأقام المضاف إليه مقامه. وهذا على قوله (سبحانه) : إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ، أي: زينة الكواكب، ف «الكواكب» إذا بدل من «زينة» .
فإن قلت: فإن الكواكب قد تسمى زينة، والربّ (تعالى) لا يسمى جدّا.
قيل: الكواكب في الحقيقة ليست زينة، لكنها ذات الزينة. ألا ترى إلى القراءة بالإضافة وهي قوله:
«بزينة الكواكب» ؟ وأنت أيضا تقول: تعالى ربّنا، كما تقول: تعالى جدّ ربّنا. فالتعالي مستعمل معهما جميعا، كما يقال: يسرّني زيد قيامه، وأنت تقول: يسرني زيد ويسرّني قيامه. وهذا بيان ما أنكره ابن مجاهد.
ينظر: «المحتسب» (٢/ ٣٣٢) ، و «مختصر الشواذ» ص: (١٦٣) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٧٩) ، و «البحر المحيط» (٨/ ٣٤١) ، و «الدر المصون» (٦/ ٣٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>