للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصار أحوى، فهذا صفة «١» .

[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ٦ الى ٧]

سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧)

وقولُهُ تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى قال الحسنُ وقتادة ومالك بن أنس: هذه الآيةُ في معنى قوله تعالى: لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ ...

[القيامة: ١٦] الآية، وَعَدَهُ اللَّه أنْ يُقْرِئَه وأخبرَه أنه لاَ يَنْسى نِسْياناً لا يكونُ بعدَه ذِكر «٢» ، وقيل: بلِ المعنى: أنه أمره تعالى بأنْ لا يَنْسَى على معنى التَّثْبِيتِ والتأكيدِ، وقال الجنيد: معنى فَلا تَنْسى لاَ تَتْرُكِ العمَلَ/ بما تَضَمَّنَ مِنْ أمْرٍ ونهي.

وقوله تعالى: إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ قال الحسنُ وغيرهُ: معناه: مما قَضَى اللَّهُ بِنَسْخِه ورَفْعِ تلاوتِه وحُكْمه «٣» ، وقال ابن عباس: إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ: أنْ يُنْسِيَكَهُ لِيُسَنَّ بهِ «٤» على نَحْوِ قولِه- عليه الصَّلاةُ والسلام-: «إنِّي لأنسى أوْ أنسى لأَسُنَّ» . قَالَ ع «٥» :

ونسيان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ممتنعٌ فيما أُمِرَ بتبليغهِ إذ هُو معصومٌ فإذا بَلغَهُ وَوَعَى عنه فالنسيانُ جائِزٌ على أن يَتَذَكَّرَ بعدَ ذلك، أو على أنْ يسنّ، أو على النسخ.

[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ٨ الى ١٣]

وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢)

ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (١٣)

وقوله تعالى: وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى معناه: نَذْهَبُ بك نحوَ الأمورِ المُسْتَحْسَنَةِ في دنياكَ وَأُخْرَاكَ من النَّصْرِ والظَفَرِ، ورِفعةِ الرسالةِ وعلو المنزلةِ يومَ القيامةِ، والرفعةِ في الجنة، ثم أمرَه تعالى بالتَّذكيرِ، قال بعضُ الحذَّاقِ: قوله تعالى: إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى اعْتِرَاضٌ بَينَ الكلامينِ على جِهَةِ التوبِيخِ لقريشٍ، ثم أخبرَ تعالى أنّه سَيَذَّكَرُ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ والدارَ الآخِرَةِ وهمُ العلماءُ والمؤمنونَ، كُلٌّ بقدْرِ ما وُفِّقَ له، ويَتَجَنَّبُ الذكرى ونفعها من سبقت له الشقاوة.


(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٥٤٤) ، (٣٦٩٧٧) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٦٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٥٠٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٦٦) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس بنحوه.
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ٥٤٥) عن قتادة، برقم: (٣٦٩٨٢) ، وابن عطية (٥/ ٤٦٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٥٠٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٥٦٧) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٥٤٥) ، (٣٦٩٨١) عن مجاهد، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٦٩) .
(٤) ذكره أبو حيان (٨/ ٤٥٣) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٦٩) .
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٤٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>