للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ ... الآية: وحرصهم على الحياة لمعرفتهم بذنوبهم، وأن لا خير لهم عند اللَّه تعالى.

وقوله تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا: قيل: المعنى: / وأحرصُ من الذين أشركوا ٣٠ ألأن مشركِي العَرَبِ لا يعرفون إلا هذه الحياة الدنيا، والضمير في أَحَدُهُمْ يعودُ في هذا القول على اليهودِ، وقيل: إِن الكلام تَمَّ في حياةٍ، ثم استؤنف الإِخبار عن طائفة من المشركين أنهم يودُّ أحدهم لو يُعمَّر ألف سنَةٍ، والزحزحة الإبعاد والتنحية، وفي قوله تعالى: وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ وعيدٌ.

وقوله تعالى: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ... الآيةَ: أجمع أهل التفْسير أن اليهود قالتْ: جبريلُ عدوُّنا، واختلف في كيفيَّة ذلك، فقيل: إن يهود فدك «١» قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلم:

«نَسْأَلُكَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، فَإِنْ عَرَفْتَهَا، اتبعناك، فَسَأَلُوهُ عَمَّا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ على نَفْسِهِ، فَقَالَ:

لُحُومُ الإِبِلِ، وأَلْبَانُهَا، وَسَأَلُوهُ عَنِ الشَّبَهِ فِي الوَلَدِ، فَقَالَ: أَيُّ مَاءٍ عَلاَ، كَانَ لَهُ الشَّبَهُ، وَسَأَلُوهُ عَنْ نَوْمِهِ، فَقَالَ: تَنَامُ عَيْنِي، وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي، وَسَأَلُوهُ عَنْ مَنْ يَجِيئُهُ مِنَ المَلاَئِكَةِ، فَقَالَ: جِبْرِيلُ، فَلَمَّا ذَكَرَهُ، قَالُوا: ذَاكَ عَدُوُّنَا لأنَّهُ مَلَكُ الحَرْبِ، وَالشَّدَائِدِ، وَالجَدْبِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَجِيئُكَ مِيكَائِيلُ مَلَكُ الرَّحْمَةِ، وَالخِصْب، والأَمْطَار، لاتَّبَعْنَاكَ» .

وَفِي جِبْرِيلَ لغاتٌ:

جِبْرِيلُ «٢» بكسر الجيم والراء من غير همز، وبها قرأ نافع، وجبريل، بفتح الجيم


(١) بالتحريك، وآخره كاف: قرية ب «الحجاز» ، بينها وبين «المدينة» يومان. وقيل: ثلاثة، أفاءها الله (تعالى) على رسوله (عليه السلام) صلحا. فيها عين فوّارة ونخل.
ينظر: «مراصد الاطلاع» (٣/ ١٠٢٠)
(٢) قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص: «جبريل» بكسر الجيم والراء، جعلوا (جبريل) اسما واحدا على وزن (قطمير) ، وحجتهم قول الشاعر:
وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس له كفاء
وقرأ حمزة والكسائي: «جبرئيل» بفتح الجيم والراء مهموزا، قال الشاعر:
شهدنا فما تلقى لنا من كتيبة ... مدى الدهر إلا جبرئيل أمامها
وحجتهم ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما جبرئيل وميكائيل» كقولك عبد الله وعبد الرحمن، (جبر) هو العبد، و (إيل) هو الله، فأضيف (جبر) إليه وبني فقيل (جبرئيل) .
وقرأ ابن كثير «جبريل» بفتح الجيم وكسر الراء مثل (سمويل) وهو اسم طائر. قال عبد الله بن كثير:
رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المنام فأقرأني «جبريل» فأنا لا أقرأ إلا كذلك.
وقرأ يحيى عن أبي بكر: «جبرئل» على وزن (جبرعل) وهذه لغة تميم وقيس.
ينظر: «العنوان في القراءات السبع» (٧١) ، و «حجة القراءات» (١٠٧) ، و «الحجة» (٢/ ١٦٣) ، و «شرح طيبة النشر» (٤/ ٥٠) ، و «شرح شعلة» (٢٧٠) ، و «معاني القراءات» للأزهري (١/ ١٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>