للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١١٨ الى ١٢٠]

وَقالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠)

وقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ ... الآية: قال الربيعُ والسُّدِّيَّ: هم كفار العرب «١» ، وقد طلب عبد اللَّه بن أمية وغيره من النبيّ صلّى الله عليه وسلم نحو هذا، وقال مجاهدٌ: هم النصارى «٢» ، وقال ابن عباس: المراد من كان على عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلم من اليهود لأنَّ رافع بن حُرَيْمِلَةَ قال للنبيّ/ صلّى الله عليه وسلم: أسمعنا كلام الله «٣» ، وقيل: الإشارة إلى ٣٤ أجميع هذه الطوائف لأنهم كلهم قالوا هذه المقالة، ولَوْلا تحضيضٌ بمعنى «هَلاَّ» ، والآية هنا العلامة الدالَّة، والَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ هم اليهودُ والنصارى في قول من جعل الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ كفَّارَ العرب، وهم اليهودُ في قول مَنْ جعل الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ النصارَى، وهم الأمم السالفة في قول من جعل الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ العربَ والنصارى واليهُودَ وتشابه القلوب هنا في طَلَب ما لا يصحّ أو في الكفر.

وقوله تعالى: قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ قرينة تقتضي أن اليقين صفة لعلمهم، وقرينةٌ أخرى أنَّ الكلام مدْحٌ لهم.

وقوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً، أي: لمن آمن، ونذيراً لمن كفر، وقرأ نافع وحده «٤» ولا تسأل، أي: لا تسأل عن شدَّة عذابهم كما تقول: فلانٌ لا تَسْأَلْ عَنْه، تعني أنه في نهاية تشهره من خيْرٍ أو شرٍّ.

ت: وزاد في «مختصر الطبرِّي» ، قال: وتحتمل هذه القراءة معنى آخر، وهو،


(١) أخرجه الطبري (١/ ٥٦٠) برقم (١٨٦٦) عن الربيع بلفظ: «هم كفار العرب» ، وبرقم (١٨٦٧) عن السدي: «فهم العرب» اهـ.
وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٢٠٢) .
(٢) أخرجه الطبري (١/ ٥٦٠) برقم (١٨٦٢) ، (١٨٦٣) من طريقين عن مجاهد.
وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٢٠٢) ، والبغوي في «معالم التنزيل» (١/ ١٠٩) .
(٣) أخرجه الطبري (١/ ٥٦٠) برقم (١٨٦٤) وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٢٠٢) ، والسيوطي في «الدر» (١/ ٢٠٨) ، وعزاه لابن إسحاق، وابن جرير وابن أبي حاتم. وذكره الشوكاني في «تفسيره» (١/ ١٩٩) .
(٤) ينظر: «السبعة» (١٦٩) ، و «الكشف» (١/ ٢٦٢) ، و «حجة القراءات» (١١١) ، و «الحجة للقراء السبعة» (٢/ ٢٠٩) ، و «العنوان» (٧١) ، و «شرح طيبة النشر» (٤/ ٦٠) ، و «معاني القراءات» (١/ ١٧٠) ، و «شرح شعلة» (٢٧٤) ، و «إتحاف» (١/ ٤١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>