للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ... الآية: المقْصِد تقلُّب البصر، وأيضاً: فالوجه يتقلَّب بتقلُّب البصر، قال قتادة وغيره: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقلِّب وجهه في الدعاءِ إلى اللَّه تعالى أنْ يحوِّله إِلى قبلة مكَّة «١» ، ومعنى التقلُّب نحو السماء: أنَّ السماء جهةٌ قد تعوَّد العالَمُ منْها الرحمةَ كالمطر، والأنوار، والوَحْي، فهم يجعلون رغبتهم حيْثُ توالَتِ النعَمُ.

قال ص: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ: يدلُّ على تقدير حالٍ، أي: قد نرى تقلُّب وجهك في السماءِ طالباً قبلةً غير التي أنت مستقبلها، فلنولينّك. انتهى.

وتَرْضاها: معناه: تحبّها/، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلم يحبّ الكعبة والتحوّل عن بيت ٣٨ أالمقدس لوجوه ثلاثة رُوِيَتْ:

أحدها: لقول اليهودِ: «مَا عَلِمَ محمَّدٌ دينَهُ حتَّى اتبعنا» قاله مجاهد.

الثاني «٢» : ليصيب قبلة إِبراهيمَ- عليه السلام- قاله ابن عَبَّاس «٣» .

الثالث: ليستألف العربَ لمحبَّتها في الكعبة، قاله الربيعة والسُّدِّيُّ «٤» .

ع «٥» : والميزابُ هو قبلة المدينةِ والشامِ، وهنالك قبلةُ أهل الأندلسِ بتأريب، ولا خلاف أن الكعبة قبلةٌ من كل أُفُقٍ.

وقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ ... الآية: أمر بالتحوُّل، ونسخ لقبلة الشام، وشَطْرَ: نصبٌ على الظرف، ومعناه: نحو، وتلقاء، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا: أمر


(١) أخرجه الطبري (٢/ ٢٢) برقم (٢٢٣٥) ، (٢٢٣٦) عن قتادة من طريقين وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (١/ ٦٢) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٢٢١) .
(٢) أخرجه الطبري (٢/ ٢٣) برقم (٢٢٣٩) بنحوه. وذكره ابن عطية (١/ ٢٢١) ، والسيوطي في «الدر» (١/ ٢٦٩) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير.
(٣) أخرجه الطبري (٢/ ٢٣) برقم (٢٢٤١) بنحوه. وذكره ابن عطية (١/ ٢٢١) .
(٤) أخرجه الطبري (٢/ ٢٢) برقم (٢٢٣٧) عن الربيع، وبرقم (٢٢٣٨) عن السدي. وذكره ابن عطية (١/ ٢٢) .
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٢٢٢) ، والميزاب: المثعب، فارسي معرب، والجمع مآزيب إذا همز، وميازيب إذا لم يهمز. ينظر: «لسان العرب» (٤٨٢٣) (وزب) ، و «الوسيط» (٤٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>