للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في المراد بالقُرُوء هنا: فقال عُمَرُ وجماعةٌ كثيرةٌ: المراد بالقروء، في الآية:

الحَيْضُ، وقالتْ عائشةُ وجماعةٌ من الصَّحابة، والتابعين، ومن بعدهم: المراد: الأطهار، وهو قولُ مالكٍ.

واختلف المتأوِّلون في قوله: مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ.

فقال ابن عُمَر، ومجاهدٌ، وغيرهما: هو الحَيْضُ، والحَبَل جميعاً، ومعنى النهْيِ عن الكتمان: النهْيُ عن الإِضرار بالزَّوْجِ في إِلزامه النفقَةَ، وإِذهابِ حقه في الارتجاع، فأُمِرْنَ بالصدْقِ نفياً وإِثباتاً «١» ، وقال قتادة: كانتْ عادتهُنَّ في الجاهليةِ أن يكتمن الحمل/ ليلحقن ٥٦ أالولد بالزوْج الجديدِ، ففي ذلك نزلَتِ الآية «٢» .

وقال ابن عَبَّاس: إِن المرادَ الحَبَل، والعموم راجحٌ «٣» ، وفي قوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ ما يقتضي أنهنَّ مؤتمناتٌ على ما ذكر، ولو كَان الاِستقصَاءُ مباحاً، لم يمكن كَتْمٌ.

وقوله سبحانه: إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ ... الآية: أي: حقَّ الإِيمان، وهذا كما تقولُ:

إِن كُنْتَ حُرًّا، فانتصر، وأنتَ تخاطبُ حُرًّا، والبَعْلُ: الزوْجُ، ونصَّ اللَّه تعالى بهذه الآية على أن للزوْجِ أن يرتجعَ امرأته المطلَّقة، ما دامَتْ في العدَّة، والإِشارة بذلك إِلى المدَّة بشرط أنْ يريدَ الإِصْلاَح، دون المُضَارَّة كما تُشُدِّدَ على النساء في كَتْمِ ما في أرحامهن وقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ... الآية: تعمُّ جميعَ حقوقِ الزوجيَّة.

وقوله تعالى: وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ قال مجاهدٌ: هو تنبيهٌ على فضْلِ حظِّه على حظِّها في الميراث، وما أشبهه «٤» ، وقال زيد بن أسلم: ذلك في الطَّاعة علَيْها أنْ تطيعه، وليس علَيْه أن يطيعَهَا «٥» ، وقال ابن عباس: تلك الدرَجَةُ إِشارة إلى حضّ الرجل على حسن


(١) أخرجه الطبري (٢/ ٤٦١) برقم (٤٧٣٨) ، عن ابن عمر وبأرقام (٤٧٣٩، ٤٧٤٠، ٤٧٤٥) عن مجاهد.
وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٤٩٢) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عمر وفي (١/ ٤٩٢) ، وعزاه لعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، والبيهقي، عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري (٢/ ٤٦٢) رقم (٤٧٥٤- ٤٧٥٥- ٤٧٥٦) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٤٩٢) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وعبد بن حميد عن قتادة.
(٣) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٥) .
(٤) أخرجه الطبري (٢/ ٤٦٧) برقم (٤٧٧٣- ٤٧٧٤) .
وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٥) . والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٤٩٣) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري (٢/ ٤٦٨) رقم (٤٧٧٧) ، وذكره ابن عطية (١/ ٣٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>