للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبّاس» «١» فبدأ صلّى الله عليه وسلم بعَمِّه، وأخَصِّ الناسِ به، وهذه من سنن العَدْلِ للإِمام أنْ يفيض العَدْل على نَفْسه وخاصَّته، فيستفيض في النَّاس، ثم رجع رسُولُ الله صلّى الله عليه وسلم إِلى المدينةِ، واستعمل على مكَّة عَتَّابَ بْنَ أسيد «٢» ، فلمّا استنزل صلّى الله عليه وسلم أهْلَ الطائِفِ بَعْد ذلك إِلى الإِسْلامِ، اشترطوا شُرُوطاً، وكان في شروطهم: أنَّ كُلَّ رباً لهم على النَّاسِ فإِنهم يأخذونه، وكُلُّ رباً علَيْهم، فهو موضُوعٌ، فيروى أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَرَّر لهم هذه، ثم ردَّها اللَّه بهذه الآية كما ردّ


- الرّحمن، حتّى تكون أعظم من الجبل» وربا السّويق ونحوه ربوّا: صبّ عليه الماء فانتفخ، وقوله (عز وجل) في صفة الأرض: اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ [الحج: ٥] قيل: معناه عظمت وانتفخت.
وقرىء: «وربأت» فمن قرأ: «وربت» فهو من ربا يربو، إذا زاد على أيّ الجهات زاد.
ومن قرأ: «وربأت» بالهمز فمعناه: ارتفعت، وسابّ فلان فلانا، فأربى عليه في السّباب، إذا زاد عليه.
وقوله (عز وجل) : فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً [الحاقة: ١٠] أي: أخذه تزيد على الأخذات.
قال الجوهري: أي: زائدة، كقولك: «أربيت، إذا أخذت أكثر مما أعطيت» .
واصطلاحا:
عرفه الحنفية بأنه: فضل مال خال عن عوض، شرط لأحد العاقدين، في معاوضة مال بمال.
وعرفه الشّافعية بأنه: عقد على عوض مخصوص، غير معلوم التماثل في معيار حالة العقد، أي: مع تأخير في البدلين، أو أحدهما.
وعرفه المالكية بأنه: عقد معاوضة على نقد أو طعام مخصوص بجنسه، مع التفاضل، أو مع التأخير مطلقا.
وعرفه الحنابلة بأنه: الزّيادة في أشياء مخصوصة.
وقد قسّم الفقهاء الرّبا إلى قسمين، وزاد الشافعية قسما ثالثا:
١- ربا الفضل، وهو: البيع مع زيادة أحد العوضين عن الآخر.
٢- ربا النّسا، وهو: البيع لأجل، أو تأخير أحد العوضين عن الآخر.
٣- ربا اليد، وهو: البيع مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما.
ينظر: «الصحاح» (٦/ ٢٣٥٠) ، و «المغرب» (١٨٢) ، و «المصباح المنير» (١/ ٣٣٣) ، و «المطلع» (٢٣٩) .
وينظر: «شرح فتح القدير» (٧/ ٣) ، «تبيين الحقائق شرح كنز الحقائق» (٤/ ٨٥) ، «تحفة الفقهاء» للسمرقندي (٢/ ٣١) ، «مغنى المحتاج» (٢/ ٢١) ، «فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب» (١/ ١٦١) ، «المغني» (٤/ ١٢٢) ، «مجمع الأنهر» (٢/ ٨٣) ، «كشاف القناع» (٣/ ٢٥١) .
(١) هو جزء من حديث جابر في صفة حج النبي صلّى الله عليه وسلم، وقد تقدم تخريج هذا الحديث عند آيات الحج في سورة البقرة.
(٢) عتّاب بن أسيد بن أبي العيص الأموي، أبو عبد الرحمن من مسلمة الفتح. ولي للنبي صلّى الله عليه وسلم «مكّة» وله عشرون سنة. وعنه ابن المسيّب، وعطاء مرسلا لأنه مات يوم مات الصّديق. وذكر الطبراني أنه عمل لعمر، وفي صحيح مسلم حديث يدل على ذلك إلى سنة إحدى وعشرين.
ينظر: «الخلاصة» (٢/ ٢٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>