للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرَّيْبُ: الشكُّ، والمعنى أنه في نفْسِه حقٌّ لا رَيْبَ فيه.

وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعادَ، يحتمل: أنْ يكون إِخباراً منه سبحانه لمحمّد صلّى الله عليه وسلّم، وأمته، ويحتملُ: أنْ يكون حكايةً مِنْ قول/ الداعين، ففي ذلك إِقرارٌ بصفة ذاتِ اللَّه تعالى، والميعادُ: من الوَعْد.

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ... الآية: الإِشارة بالآيةِ إلى معاصري النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكانوا يفْخَرُون بأموالهم وأبنائهم، وهي بَعْدُ متناوِلَةٌ كلَّ كافرٍ، والوَقُود بفتحِ الواوِ: كلُّ ما يحترق في النار من حَطَبٍ ونحوه، والدَّأْبُ، والدَّأَبُ بسكون الهمزة وفتحها: مصدرُ: دَأَبَ يَدْأَبُ، إذا لازم فعل شيءٍ، ودام عليه مجتهداً فيه، ويقال للعادة دَأْبٌ، والمعنى في الآية: تشبيهُ هؤلاء في لزومهم الكُفْر ودوامِهِم عليه بأولئك المتقدِّمين، وآخر الآية يقتضي الوعيدَ بأنْ يصيب هؤلاءِ ما أصَابَ أولئك، والكافُ في قوله: كَدَأْبِ في موضعِ رفعٍ، والتقدير: دَأْبُهُمْ كَدَأْبِ، والضمير في قَبْلِهِمْ عائد على آلِ فِرْعَوْنَ، ويحتمل: على معاصري رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الكفار.

وقوله: كَذَّبُوا بِآياتِنا: يحتمل: أنْ يريد المتلوَّة، ويحتمل أن يريد العلاماتِ المنصوبَةَ.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٢ الى ١٣]

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (١٣)

وقوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ ... الآية: اختلف في تعيين هؤلاء الذين أمر صلّى الله عليه وسلّم بالقَوْل لهم:

فقيل: هم جميعُ معاصريه أمر أنْ يقول لهم هذا الذي فيه إعلامٌ بغَيْب، فوقع بحَمْدِ اللَّه كذلك، فغُلِبُوا، وصار مَنْ مات منهم على الكُفْرِ إلى جهنم.

وتظاهرتْ رواياتٌ عن ابن عبَّاس وغيره بأنَّ المراد يهودُ المدينةِ، لما قَدِمَ رسُولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم من غزوة بَدْرٍ، جمعهم، وقال: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَ قُرَيْشاً» ، فقالوا: يَا مُحَمَّدُ، لاَ تَغُرَّنَّكَ نَفْسُكَ أَنْ قَتَلْتَ نَفَراً مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا أَغْمَاراً لاَ يَعْرِفُونَ القِتَالَ، إِنَّكَ لَوْ قَاتَلْتَنَا، لَعَرَفْتَ أَنَّا نحْنُ النَّاسُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هذه الآية» «١»


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ١٧٠) : كتاب «الخراج والفيء والإمارة» ، (٣٠٠١) ، والطبري في «تفسيره» (٣/ ١٩٢) -

<<  <  ج: ص:  >  >>