للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله سبحانه: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا ... الآية: قال ابن عبَّاس: هي إشارة إلى كلِّ مَنِ افترق من الأمَمِ في الدِّين، فأهلكهم الافتراقُ «١» ، وقال الحسنُ: هي إشارة إلى اليهودِ والنصارى «٢» .

قلتُ: وروى أبو داوُدَ في سُنَنِهِ، عن معاويةَ بْنِ أبي سُفْيَان، قال: قَالَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«إنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ افترقوا على ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ على ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الجَنَّةِ، وَهِيَ الجَمَاعَةُ» «٣» ، وروى أبو هريرة نحوه، ولم يَذْكُرِ النَّار «٤» اهـ.

وقوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ... الآية: بياضُ الوُجُوهِ: عبارةٌ عن إشراقِها واستنارتها وبِشْرِها برحمة اللَّهِ قاله الزَّجَّاج «٥» وغيره.

وقوله تعالى: أَكَفَرْتُمْ: تقريرٌ وتوبيخٌ متعلِّق بمحذوف، تقديره: فيقالُ لهم:

أكفرتم، وفي هذا المَحْذُوفِ جوابُ «أمَّا» ، وهذا هو فحوَى الخطَابِ، وهو أنْ يكون في


(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» بنحوه (٣/ ٣٨٦) ، وذكره ابن عطية (١/ ٤٨٦) .
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٣٨٦) ، وذكره ابن عطية (١/ ٤٨٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ١١٠) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ٦٠٨) ، كتاب «السنة» ، باب شرح السنة، حديث (٤٥٩٧) ، وأحمد (٤/ ١٠٢) .
والطيالسي (٢/ ٢١١- منحة) برقم (٢٧٥٤) ، والدارمي (٢/ ٢٤١) ، كتاب «السير» ، باب في افتراق هذه الأمة، والحاكم (١/ ١٢٨) من حديث معاوية.
وصححه الحاكم.
(٤) أخرجه أبو داود (٢/ ٦٠٨) ، كتاب «السنة» ، باب شرح السنة، حديث (٤٥٩٦) ، والترمذي (٥/ ٢٥) ، كتاب «الإيمان» ، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، حديث (٢٦٤٠) ، وابن ماجة (٢/ ١٣٢١) ، كتاب «الفتن» ، باب افتراق الأمم (٣٩٩١) ، والحاكم (١/ ١٢٨) ، وابن حبان (١٨٣٤) ، من حديث أبي هريرة.
وقال الترمذي: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وقال الحاكمُ: صحيحٌ على شرطِ مسلم. ووافقه الذهبي.
والحديث صححه ابن حبان.
(٥) ينظر: «معاني القرآن» (١/ ٤٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>