للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرُّشد «١» المختَبَرَ «٢» ، وحينئذٍ يدفع المال.

قال ع»

: والبلوغُ لم تَسُقْهُ الآيةُ سِيَاقَ الشَّرْط، ولكنَّها حالةُ الغالِبِ على بني آدم أنْ تَلْتَئِمَ عقولُهم فيها، فهو الوقْتُ الذي لا يُعْتَبَرُ شَرْط الرُّشْد إلاَّ فيه، فقال: إذا بلغ ذلك الوقْتَ، فلينظُرْ إلى الشرط، وهو الرُّشْد حينئذٍ وفصاحةُ الكلامِ تدُلُّ على ذلك لأنَّ التوقيتَ بالبلوغِ جاء ب «إذَا» ، والمشروطُ جاء ب «إنْ» التي هي قاعدةُ حروفِ الشرطِ، «وإذا» ليستْ بحَرْفِ شرطٍ إلاَّ في ضرورة «٤» الشِّعْر، قال ابنُ عَبَّاس: الرُّشْد في العقلِ


- في شعره، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب، فلما كشف عن مؤتزره لم يجده أنبت فقال: «لو أنبت الشعر لحددتك» . فكل ذلك يفيد أن نبات شعر العامة علامة من علامات البلوغ. وأمّا ما قاله أبو حنيفة، فغير ظاهر فإن شعر العانة قد امتاز عن غيره من الشعور بأنه لا ينبت إلا عند البلوغ، أما غيره، فقد يتقدم البلوغ كشعر الجسد، وقد يتأخر عنه كشعر اللحية والشارب.
ينظر: «نظام الحجر» لشيخنا: سليمان رمضان عثمان.
(١) أمّا الرشد، فقال كثير من العلماء: إنه الصلاح في المال وحسن التصرف فيه وتثميره وتنميته.
وذهب الشافعي وجماعة إلى أن المراد به الصلاح في المال والدين.
أما طرق معرفته، فتختلف باختلاف أحوال المختبر نفسه، فهي في الذكور الذين يخالطون الناس في الأسواق وغيرها، تختلف عنها في الإناث اللاتي لا يخالطن الناس في الأسواق. والأمر في معرفة الرشد ليس من السهولة بالدرجة التي تظن، فالذين يخالطون الناس في الأسواق يختبرون بدخول الأسواق ومخالطة من فيها حتى يشاهدون ما يجري بين الناس من بيع أو شراء، فينكرون على المغبون، ويغبطون الرابح، وبذلك تحصل لهم الخبرة، ويثبت لهم الرشد.
والذين لا يختلطون بالناس في الأسواق ممّن يسمّون بالطبقة العليا يدفع إليهم نفقة قليل من الزمن ليرى كيف ينفقونها ويتصرفون فيها، فإن أحسنوا النظر في تصرفها، فقد استبان رشدهم، وثبت استقامة نظرهم، وإلا فهم على السفه وعدم الرشد.
أمّا الإناث فيختبرن بدفع قليل من المال لشراء ما يلزم للبيت من حاجيات الطهي وما إلى ذلك من كل ما يختص به النساء، عادة، فإن تبين من صنيعهن حسن التصرف واستقامة النظر، فقد تحقق رشدهن.
ينظر: «نظام الحجر» لشيخنا سليمان رمضان عثمان.
(٢) لم يختلف العلماء في أن الصبي إذا بلغ رشيدا زال الحجر عنه، ووجب دفع ماله إليه، وإنما اختلفوا في وقت اختباره ومعرفة متى يحسن التصرف.
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه: إن الاختبار قبل البلوغ والمعنى: وبعد التمييز.
وذهب مالك إلى أن الاختبار بعد البلوغ.
ينظر: «نظام الحجر» لشيخنا سليمان رمضان عثمان.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ١٠) .
(٤) ظاهر عبارة بعضهم أنّ «إذا» ليست بشرطية، قال: «وإذا ليست بشرطية لحصول ما بعدها، وأجاز سيبويه أن يجازى بها في الشعر، وقال: «فعلوا ذلك مضطرين» ، وإنما جوزي بها لأنها تحتاج إلى جواب، -

<<  <  ج: ص:  >  >>