للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبْعٌ، ومن الصِّهْرَ سَبْعٌ، وتلا هذه الآية «١» ، وقال عمرو بن سالم مِثْلَ ذلك، وجعل السابعةَ قولَهُ تعالى: وَالْمُحْصَناتُ «٢» [النساء: ٢٤] .

وقوله تعالى: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ، أي: سواءٌ دَخَلَ بالبنْتِ، أو لم يَدْخُلْ، فبالعَقْدِ علَى البنْتِ حُرِّمَتِ الأُمُّ هذا الذي عليه الجمهورُ «٣» .

وقوله تعالى: وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ذَكَرَ الأغلَبَ من هذه الأمور إذ هذه


- وعدا من بين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تحريم الجمع بينهن، ولما كانت الأحاديث لا يعلم تاريخ ورودها، وجب أن تحمل على المقارنة، فتكون مخصصة لعموم الآية، ويكون الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها حراما.
وأما المعقول، فقد قالوا: إن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها يفضي إلى القطيعة، والقرابة المحرمة للنكاح، إنما كانت محرمة لإفضائها إلى القطيعة، فيكون حراما لأن المفضي إلى الحرام حرام.
وحيث بطل دليل المخالفين، وثبتت أدلة الجمهور ترجح لنا مذهبهم، وهو حرمة نكاح المرأة على عمتها أو خالتها، وأنه إذا وقع فالنكاح فاسد واجب الفسخ.
(١) أخرجه الطبري (٣/ ٦٦٢) برقم (٨٩٤٥: ٨٩٥٠) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣١) ، وابن كثير (١/ ٤٦٩) ، والسيوطي (٢/ ٢٤٠- ٢٤١) .
(٢) أخرجه الطبري (٣/ ٦٦٢) برقم (٨٩٥١) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣١) .
(٣) ذهب الأئمة الأربعة إلى القول بعدم اشتراط الدخول بالبنت في تحريم الأم، وهو مذهب جمهور الصحابة، وأكثر أهل العلم عليه، حتى كان من قواعدهم المشهورة قولهم: «العقد على البنات يحرم الأمّهات» وعلى ذلك يحرم على الرجل أن يتزوج بأم من عقد عليها، ولم يدخل بها، وإذا حصل، وتزوج بها كان النكاح باطلا يجب فسخه.
وذهب داود الظاهري وبشر المريس والزبير ومجاهد إلى القول بأنه لا يحرم على الرجل أن يتزوج بأم من عقد عليها ولم يدخل بها لأن العقد على البنت عندهم لا يحرم الأم حتى يصحبه دخول. وعلى هذا لو عقد على أم من عقد عليها ولم يدخل بها يكون النكاح صحيحا.
استدل داود الظاهري ومن معه بقوله تعالى: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء: ٢٣] ووجه الدلالة من هذه الآية: أنهم قالوا: إن الله (سبحانه) ذكر أمهات النساء، وعطف عليها الربائب، ثم أعقبهما بذكر الشرط، وهو الدخول فينصرف الشرط إليهما. ومما يؤيد أن الشرط راجع إليهما جميعا أنه روي عن علي بن أبي طالب ذلك، وقالوا أيضا: يصح أن يكون الموصول، وهو قوله تعالى: اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ صفة للجملتين، فيتقيدا بالدخول، ويصير معنى الآية هكذا: وأمّهات نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ وربائبكم اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ، يقال للظاهرية ومن معهم في الآية: إن محل رجوع الشرط المذكور في آخر كلمات الآية معطوف بعضها على بعض للجميع إذا كان مصرحا به، وأما الصفة المذكورة في آخر الكلام فتصرف إلى ما يليها فقط فإنك إذا قلت مثلا: جاءني محمد وخالد العالم، فإن صفة العلم تقتصر على خالد فقط، وقوله تعالى:
اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وصف بالدخول، فيقتصر على ما يليه فقط، وأما رواية أن علي بن أبي طالب قال ذلك فإنه رواها عنه خلاس بن عمر الهجري، وقد ضعفها العلماء. قال القرطبي: وحديث خلاس عن-

<<  <  ج: ص:  >  >>