للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمات التّفسير في تلك المرحلة

أتّسم التفسير في تلك المرحلة بعدّة سمات، من أبرزها «١» :

أنه اعتمد على التلقّي والرواية، وغلب على التلقّي والرواية طابع الاختصاص، فكان لكلّ بلد مدرسته وأستاذه، فمكّة: أستاذها ابن عبّاس، والمدينة: أستاذها أبيّ بن كعب، والعراق: أستاذه ابن مسعود، وهكذا.

دخول أهل الكتاب في الإسلام كان سببا في تسلّل الدّخيل إلى علم التفسير، وقد تساهل التابعون في النّقل عنهم- فيما لا يتعلّق بالأحكام الشرعية- بدون تحرّ ونقد، وأكثر من روي عنه في ذلك من مسلمي أهل الكتاب:

عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ووهب بن منبّه، وغيرهم.

كان بدهيّا أن يختلف التابعون في التفسير نظرا لتعدّدهم وكثرتهم، واختلاف مدارسهم التي تخرّجوا فيها، ولكنه خلاف ليس بالكثير إذا ما قيس بالعصور اللاحقة.

كما ظهرت نواة الخلاف المذهبيّ إذ ظهرت بعض التفسيرات تحمل في طيّاتها بذورا لتلك المذاهب.

التّفسير في عصر التّدوين

تبدأ هذه المرحلة في أواخر العصر الأمويّ وأوائل العصر العباسيّ إذ انتشر التدوين بصورة واسعة، وعني العرب «بتدوين كلّ ما يتّصل بدينهم الحنيف، فقد تأسّست في كلّ بلدة إسلامية مدرسة دينية عنيت بتفسير الذّكر الحكيم، ورواية الحديث النبويّ، وتلقين الناس الفقه وشئون التشريع، وكان كثير من المتعلّمين في هذه المدارس يحرصون على تدوين ما يسمعونه ... » «٢» .

تدوين التّفسير: اختلف في أوّل من ألّف تفسيرا «مكتوبا» ، فبعضهم يذكر أن عبد الملك بن جريج «٣» (ت ١٤٩ هـ.) هو أوّل من ألّف تفسيرا مكتوبا.


(١) راجع: «التفسير والمفسرون» ١/ ١٣١، ١٣٢.
(٢) «تاريخ الأدب العربي» / العصر الإسلامي د. شوقي ضيف ٤٥٢.
(٣) هو عبد الملك عبد العزيز بن جريج، أبو خالد، أو أبو الوليد، مولاهم، من علماء مكة ومحدثيها، ولد سنة ٨٠ هـ، توفي سنة ١٤٩ هـ، أول من صنف بالحجاز الكتب، نقل عنه ابن جرير في تفسيره.
راجع «طبقات ابن سعد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>