للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نَفْسه ضعيفٌ يستَمِيلُهُ هواه في الأغْلَب.

[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٩ الى ٣١]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (٣٠) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١)

وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً ... الآية: الاستثناء منقطعٌ، المعنى: لكنْ إنْ كانَتْ تجارةً، فكُلُوها، وأخْرَجَ البخاريُّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا، أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إتْلاَفَهَا، أَتْلَفَهُ اللَّه» «١» . انتهى.

وقوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً، أجمع المتأوِّلون على أنَّ المقصودَ بهذه الآية النهْيُ عن أنْ يقتُلَ بعْضُ الناسِ بَعْضاً، ثم لفظها يتناوَلُ أنْ يقتل الرجُلُ نَفْسَهُ بقَصْدٍ منه للقتل، أو بأنْ يحملها على غَرَرٍ، رُبَّمَا ماتَ مِنْهُ، فهذا كلُّه يتناوله النَّهْيُ، وقد احتج عمرو بن العاصي بهذه الآيةِ حين امتنع مِنَ الاغتسال بالمَاءِ الباردِ خَوْفاً على نفسه منه، فقرّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم احتجاجه «٢» .


(١) أخرجه البخاري (٥/ ٥٣، ٥٤) ، كتاب «الاستقراض» ، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها وإتلافها، حديث (٢٣٨٧) ، وابن ماجة (٢/ ٨٠٦) ، كتاب «الصدقات» ، باب التشديد في الدين، حديث (٢٤١١) ، وأحمد (٢/ ٣٦١، ٤١٧) ، والبيهقي (٥/ ٣٥٤) ، والبغوي في «شرح السنة» (٤/ ٣٥١ بتحقيقنا) ، كلهم من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري (١/ ٤٥٤) ، كتاب «التيمم» ، باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض، تعليقا في أول الباب، وأحمد (٤/ ٢٠٣) ، وأبو داود (١/ ٣٣٨) ، كتاب «الطهارة» ، باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم، الحديث (٣٣٤) ، والدارقطني (١/ ١٧٨) ، كتاب «الطهارة» ، باب التيمم، الحديث، والحاكم (١/ ١٧٧) ، كتاب «الطهارة» ، والبيهقي (١/ ٢٢٥) ، كتاب «الطهارة» ، باب التيمم في السفر إذا خاف الموت، فأما أحمد فمن طريق ابن لهيعة، وأما الباقون، فمن طريق جرير بن حازم، عن يحيى بن أيوب، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرّحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص قال: «احتملت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت أن أغتسل فأهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا عمرو.. صليت بأصحابك وأنت جنب؟! فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله تعالى يقول: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء: ٢٩] فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يقل شيئا» .
ورواه أبو داود (٣٣٥) ، والدارقطني (١/ ١٧٨) ، كتاب «الطهارة» ، باب التيمم (١٣) ، الحاكم (١/ ١٧٧) ، والبيهقي (١/ ٢٢٥) من طريق عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرّحمن بن جبير عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص كان على-

<<  <  ج: ص:  >  >>