للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمدينَةِ، فاختلف المؤمنُونَ فيهم «١» ، فقالَتْ فرقةٌ: نَخْرُجُ إلَيْهم فإنهم منافقونَ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: بَلْ هُمْ مُؤْمِنُونَ، لاَ سَبِيلَ لَنَا إلَيْهِمْ، فنزلَتِ الآية، وعن مجاهدٍ نحوه «٢» .

قال ع «٣» : ويَعْضُدُهُ ما في آخر الآيةِ مِنْ قوله تعالى: حَتَّى يُهاجِرُوا، وقال زيدُ بنُ ثابتٍ: نزلَتْ في عبد اللَّه بْنِ أُبيٍّ وأصحابِهِ المنافِقِينَ الذين رجعوا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يَوْمَ أُحُدٍ، وهو في «صحيحِ البخاريِّ» مسنداً «٤» ، قال ابن العربي في «أحكامه» «٥» ، وهذا القول هو اختيار البخاريِّ والترمذيِّ. انتهى.

قال ع «٦» : وعلى هذا، فقولُه سبحانَهُ: حَتَّى يُهاجِرُوا المرادُ هَجْرُ ما نَهَى اللَّهُ عنه كما قال- عليه السلام-: «والمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى الله عنه» «٧» ، وفِئَتَيْنِ:

معناه: فرقتين، / وأَرْكَسَهُمْ: معناه: أرجعَهُمْ في كُفْرِهِمْ وضَلاَلِهِمْ، والرِّكْس:

الرَّجيع ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم في الرَّوْثَةِ: «إنَّهَا رِكْسٌ» «٨» ، وحكى النضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ والكِسَائِيُّ:

رَكَسَ وأَرْكَسَ بمعنًى واحدٍ، أي: أرجَعَهم، ومَنْ قال مِنَ المتأوِّلين: أَهْلَكَهم، أو أضلَّهم، فإنَّما هو بالمعنى، وباقي الآية بَيِّنٌ.


(١) أخرجه الطبري (٤/ ١٩٥) برقم (١٠٠٦٠) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٨٨) ، وابن كثير (١/ ٥٣٢- ٥٣٣) ، والسيوطي (٢/ ٣٤٠) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري (٤/ ١٩٤- ١٩٥) برقم (١٠٠٥٨- ١٠٠٥٩) ، وذكره البغوي (١/ ٤٥٩) ، وابن عطية (٢/ ٨٨) ، وابن كثير (١/ ٥٣٣) ، السيوطي (٢/ ٣٤٠- ٣٤١) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٨٨) .
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ١٠٤- ١٠٥) ، كتاب «التفسير» ، باب فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ، حديث (٤٥٨٩) من حديث زيد بن ثابت.
(٥) ينظر: «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ٤٦٩) .
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٨٨) .
(٧) أخرجه البخاري (١/ ٦٩) ، كتاب «الإيمان» ، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، حديث (١٠) وفي (١١/ ٣٢٣) كتاب «الرقاق» ، باب الانتهاء عن المعاصي، حديث (٦٤٨٤) ، ومسلم (١/ ٦٥) كتاب «الإيمان» ، باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل، حديث (٦٤/ ٤٠) من حديث عبد الله بن عمرو. [.....]
(٨) أخرجه البخاري (١/ ٣٠٨) ، كتاب «الطهارة» ، باب لا يستنجي بروث، حديث (١٥٦) ، والنسائي (١/ ٣٩- ٤٠) كتاب «الطهارة» ، باب الرخصة في الاستطابة بحجر، وابن ماجة (١/ ١١٤) ، كتاب «الطهارة» ، باب الاستنجاء بالحجارة، حديث (٣١٤) ، وأحمد (١/ ٤١٨) ، وأبو يعلى (٩/ ٦٣) برقم (٥١٢٧) ، وابن المنذر في «الأوسط» (٢٩٦) ، والبيهقي (٢/ ٤١٣) من حديث ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>