للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ عَبَّاس وغيره: الرَّقَبَةُ المؤمنةُ: هي الكَبِيرَةُ الَّتي قَدْ صَلَّتْ وعَقَلَتِ الإيمان «١» ، وقالَتْ جماعة، منهم مالكُ بْنُ أنَسٍ: يجزىءُ كُلُّ مَنْ يُحْكَم له بحُكْم الإسلام في الصلاة عليه، إنْ مات «٢» ، قال مالك: ومَنْ صلى وصَامَ أحَبُّ إلَيَّ، ولا يجزىءُ ذو العَيْب الكثير كأقطع اليَدَيْنِ، أو الرجْلَيْن، أو الأعمى إجماعاً فيما علمت، ومُسَلَّمَةٌ: معناه: مؤَدَّاة مدفوعةٌ، وهي على العاقلةِ فيما جاوز ثلث الدية، وإِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا: يريدُ: أولياءَ القَتِيلِ، وقوله: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ... الآية: أيْ: وإنْ كان هذا المقتولُ خطأً مؤمناً قَدْ آمَنَ، وبَقِيَ في قَوْمِهِ، وهم كَفَرَةٌ عدُوٌّ لكم، فلا ديةَ فيه، وإنما كفَّارته تحريرُ الرَّقَبة قاله ابنُ عَبَّاس «٣» وغيره، وسقَطَتِ الديةُ عندهم لوجهين:

أحدهما: أنَّ أولياء المقتولِ كُفَّار، فلا يصحُّ دفع الديةِ إلَيْهم.

والآخر: قلَّة حُرْمَة هذا المقتولِ، فلا دِيَةَ فيه.

واحتجّوا بقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا [الأنفال: ٧٢] .

وقالت فرقةٌ: بل الوجْهُ في سقوط الدِّية أنَّ الأولياء كُفَّار فقطْ، وسواءٌ قُتِلَ بين أظْهُر المسلمين، أو بَيْن قومه الكُفَّار لأنه لا يصحُّ دفعها إلى الكفَّار.

قال ع «٤» : وقائِلُ المقالة الأولى يقول: إن قُتِلَ المؤمنُ في بَلَدِ المسلمينَ، وقومُهُ حَرْبٌ، ففيه الديةُ لبَيْتِ المالِ والكَفَّارة.

وقوله تعالى: وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ... الآية: قال ابنُ عَبَّاس وغيره: المقتولُ من أهل العَهْدِ خطأً لا نُبَالِي، كانَ مؤْمناً أو كافراً، على عهد قومِهِ فيه الدّية والتّحرير «٥» .


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (٤/ ٢٠٧) (١٠١٠٨) ، والماوردي في «تفسيره» (١/ ٥١٨) ، وابن عطية (٢/ ٩٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٣٤٥) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس.
(٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢/ ٩٣) .
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٢٠٩) (١٠١١٤) ، والماوردي في «تفسيره» (١/ ٥١٨) ، وابن عطية (٢/ ٩٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٣٤٧) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس.
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٩٣) .
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٢١٠) (١٠١٢٢) ، وابن عطية (٢/ ٩٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٣٤٨) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي من طريق عكرمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>