للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره: «السَّلَمَ» ، ومعناه: الاِستسلام، أي: ألقى بيده، واستسلَم لكُمْ، وأظهر دعوتكَم، وقرأ باقي السبعة: «السَّلاَمَ» (بالألف) ، يريد: سلاَمَ ذلك المَقْتُولِ على السَّريَّة لأن سلامَهُ بتحيَّة الإسلام مُؤْذِنٌ بطاعَتِهِ، وانقياده، وفي بَعْضِ طرق عاصم: «السِّلْمَ» - بكسر السين المشدَّدة، وسكونِ اللامِ-، وهو الصُّلْح، والمعنَى المرادُ بهذه الثلاثةِ مُتَقَارِبٌ، وقرىء:

«لَسْتَ مُؤْمَناً» «١» - بفتح الميم- أي: لَسْنَا نُؤَمِّنُكَ.

وقوله تعالى: فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ: عِدَةٌ منه سبحانه بما يأْتِي به مِنْ فَضْله من الحلال دون ارتكاب محْظُورٍ، أي: فلا تتهافَتُوا.

واختلف في قوله: كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ.

فقال ابنُ جُبَيْرٍ: معناه: كذلكَ كُنْتُمْ مستخْفِينَ مِنْ قومكم بإسلامِكُمْ، فَمَنَّ اللَّه عليكم بإعزازِ دينِكم، وإظهارِ شَرِيعتكم، فَهُمُ الآنَ كذلك كلُّ واحدٍ منهم خَائِفٌ مِنْ قومه، متربِّصٌ أَنْ يَصِلَ إلَيْكم، فلم يصْلُحْ إذا وَصَل أنْ تَقْتُلُوه حتى تتبيَّنوا أَمْرَهُ «٢» ، وقال ابنُ زَيْدٍ:

المعنى: كَذَلِكَ كُنْتُمْ كَفَرةً، فَمنَّ اللَّهُ علَيْكُمْ بِأنْ أسلَمْتُمْ، فلا تُنْكِرُوا أَنْ يكُونَ هو كافراً، ثم يسلم لِحِينه «٣» ، ثم وَكَّد تبارَكَ وتعالى الوصيَّةَ بالتبيُّن، وأعلم أنَّه خبيرٌ بما يعمَلُه العبادُ، وذلك منه خَبَرٌ يتضمَّن تحذيراً منه سبحانه، أي: فاحفظوا أنْفُسَكم، وجَنِّبوا الزَّلَل المُوبِقَ لكم.

[سورة النساء (٤) : الآيات ٩٥ الى ٩٦]

لاَّ يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٩٦)


- ينظر: «السبعة» (٢٣٦) ، و «الحجة» (٣/ ١٧٥، ١٧٦) ، و «حجة القراءات» (٢٠٩) ، و «العنوان» (٨٥) ، و «إعراب القراءات» (١/ ١٣٦، ١٣٧) ، و «شرح شعلة» (٣٤٣) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ٢١٣) ، و «إتحاف» (١/ ٥١٨) ، و «معاني القراءات» (١/ ٣١٥- ٣١٦) .
(١) وقرأ بها محمد بن علي، وابن مسعود، وابن عباس.
ينظر: «الشواذ» ص (٣٤) ، و «الكشاف» (١/ ٥٥٢) ، ونسبها ابن عطية في المحرر (٢/ ٩٦) إلى أبي جعفر بن القعقاع، وأبي حمزة، واليماني، وزاد أبو حيان في «البحر» (٣/ ٣٤٢) نسبتها إلى عكرمة، وأبي العالية، ويحيى بن يعمر.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٢٢٨) وابن عطية في «تفسيره» (٢/ ٩٧) ، والبغوي في «تفسيره» (٢/ ٤٦٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٣٥٩) وعزاه لعبد بن حميد عن قتادة. [.....]
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٢٢٨) (١٠٢٣٥) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>