للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلَمْ (رحمك اللَّه) أنه قَدْ جاءَتْ آثارٌ صحيحةٌ في ذَمِّ الشحناءِ والتباغُضِ والهِجْرَانِ لغَيْر موجِبٍ شرعيٍّ، ففي «صحيح مُسْلِمٍ» ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنَ وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً إلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيه شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: انظروا هَذَيْنِ حتى يَصْطَلِحَا، انظروا هَذَيْنِ حتى يَصْطَلِحَا» ، وفي روايةٍ: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ خَمِيسٍ واثنين، فَيَغْفِرُ اللَّهُ فِي ذلك اليوم/ لكلّ امرئ لاَ يُشْرِكُ باللَّهِ شَيْئاً ... » الحديث «١» . انتهى.

وروى ابن المبارك في «رقائقه» بسنده، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «لاَ يَحِلُّ لامْرِىءٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُهَاجِرَ مُسْلِماً فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَإنَّهُمَا نَاكِبَانِ عَنِ الْحَقِّ مَا دَامَا على صِرَامِهِمَا، فَأَوَّلُهُمَا فَيْئاً يَكُونُ سَبْقُهُ بِالفَيْءِ كَفَّارَةً لَهُ، وَإنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَرَدَّ عَلَيْهِ سَلاَمَهُ، رَدَّتْ عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ، وَرَدَّتْ عَلَى الآخَرِ الشَّيَاطِينُ، وإذَا مَاتَا على صِرَامِهِمَا، لَمْ يَدْخُلاَ الجَنَّةَ» ، أُرَاهُ قَالَ: أَبَداً «٢» . انتهى، وسنده جيِّد، ونصَّه قال ابن المبارك: أخبرنا شعبةُ عَنْ يزيدَ الرِّشْكِ «٣» ، عن مُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ «٤» ، قَالَتْ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عامر «٥» يقول: سمعت


(١) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢/ ٩٠٨- ٩٠٩) ، كتاب «حسن الخلق» ، باب ما جاء في المهاجرة، حديث (١٧) ومسلم (٤/ ١٩٨٦) كتاب «البر والصلة» ، باب النهي عن الشحناء والتهاجر، حديث (٣٥/ ٢٥٦٥) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ص ٢٧١) رقم (٧٨٤) والبخاري في «الأدب المفرد» (٤٠٢) ، وأحمد (٤/ ٢٠) ، وابن حبان (٥٦٦٤) من طريق يزيد الرشك، عن معاذة العدوية، عن هشام بن عامر به.
وذكره الهيثمي في «المجمع» (٨/ ٦٩) وقال: رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجال أحمد رجال الصحيح.
(٣) يزيد بن أبي يزيد الضّبعي بضم المعجمة مولاهم أبو الأزهر البصري الذارع القسّام الرّشك بكسر المهملة وإسكان المعجمة. عن: مطرّف بن الشّخّير. وعنه: شعبة، ومعمر. وثقه أبو حاتم. قال ابن منجويه:
مات سنة ثلاثين ومائة. له في (البخاري) فرد حديث.
ينظر: «الخلاصة» (٣/ ١٧٩) .
(٤) معاذة بنت عبد الله العدويّة أم الصّهباء البصرية العابدة، عن علي وعائشة، وعنها أبو قلابة ويزيد الرّشك وأيوب وعاصم الأحول وطائفة، قال ابن معين: ثقة حجة، قال الذهبي: بلغني أنها كانت تحيي الليل، وتقول: عجبت لعين تنام وقد علمت طول الرقاد في القبور، قال ابن الجوزي: توفيت سنة ثلاث وثمانين.
ينظر: «الخلاصة» (٣/ ٣٩٣) ، «تهذيب الكمال» (٣/ ١٦٩٨) ، «الكاشف» (٣/ ٤٨١) ، «أعلام النساء» (٥/ ٦٠) ، «سير الأعلام» (٤/ ٥٠٨) .
(٥) هشام بن عامر بن أمية بن الحسحاس بمهملات ابن مالك. عن عامر بن غنم بن عدي بن النّجّار الأنصاري النّجّاري، صحابي نزل البصرة، له أحاديث، انفرد له مسلم بحديث. وعنه ابنه سعد ومعاذة العدوية. -

<<  <  ج: ص:  >  >>