للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: لم حتّم على وقوع التأويل، وربما صدق تأويل الرؤيا وكذب؟ فعنه جوابان:

أحدهما: أنه حتم ذلك لوحي أتاه من الله، وسبيل المنام المكذوب فيه أن لا يقع تأويله، فلما قال: «قضي الأمر» ، دل على أنه وحي.

والثاني: أنه لم يحتم، بدليل قوله: وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا، قال أصحاب هذا الجواب:

معنى «قضي الأمر» : قُطع الجواب الذي التمستماه من جهتي، ولم يعنِ أن الأمر واقع بكما. وقال أصحاب الجواب الأول: الظّنّ ها هنا بمعنى العلم.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٤٢]]

وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢)

قوله تعالى: وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا يعني الساقي. وفي هذا الظن قولان: أحدهما: أنه بمعنى العلم، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه الظن الذي يخالف اليقين، قاله قتادة.

قوله تعالى: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ أي: عند صاحبك، وهو الملك، وقل له: إِن في السجن غلاماً حُبس ظلماً. واسم الملك: الوليد بن الريّان.

قوله تعالى: فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فيه قولان:

أحدهما: فأنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف لربه، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال ابن إِسحاق. والثاني: فأنسى الشيطان يوسف ذكر ربه، وأمره بذكر الملك ابتغاءَ الفرج من عنده، قاله مجاهد ومقاتل والزجاج، وهذا نسيان عمد، لا نسيان سهو، وعكسه القول الذي قبله.

قوله تعالى: فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ أي: غير ما كان قد لبث قبل ذلك، عقوبة له على تعلُّقه بمخلوق. وفي البضع تسعة أقوال: أحدها: ما بين السبع والتسع.

(٨١٢) روى ابن عباس أن أبا بكر لما ناحب قريشاً عند نزول الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ، قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ألا احتطتَ، فانَّ البِضْع ما بين السبع إِلى التسع» .

والثاني: اثنتا عشرة سنة، قاله الضحاك عن ابن عباس. والثالث: سبع سنين، قاله عكرمة.

والرابع: أنه ما بين الخمس إِلى السبع، قاله الحسن. والخامس: أنه ما بين الأربع إِلى التسع، قاله مجاهد. والسادس: ما بين الثلاث إِلى التسع، قاله الأصمعي، والزجاج. والسابع: أن البضع يكون بين الثلاث والتسع والعشر، قاله قتادة. والثامن: أنه ما دون العشرة، قاله الفراء، وقال الأخفش: البضع:

من واحد إلى عشرة. والتاسع: أنه ما لم يبلغ العقد ولا نصفه، قاله أبو عبيدة. قال ابن قتيبة: يعني ما بين الواحد إِلى الأربعة. وروى الأثرم عن أبي عبيدة: البضع: ما بين ثلاث وخمس. وفي جملة ما لبث في السجن ثلاثة أقوال: أحدها: اثنتا عشرة سنة، قاله ابن عباس. والثاني: أربع عشرة، قاله الضحاك.

والثالث: سبع سنين، قاله قتادة. قال مالك بن دينار: لما قال يوسف للساقي: «اذكرني عند ربك» ، قيل


يأتي في مطلع سورة الروم إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>