للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه العوفي عن ابن عباس. والثاني: أنها كانت متاعاً رثّاً كالحبل والغرارة، رواه ابن أبي مليكة عن ابن عباس. والثالث: كانت أَقِطاً «١» ، قاله الحسن. والرابع: كانت نعالاً وأدَماً، رواه جويبر عن الضحاك.

والخامس: كانت سويق المُقْل، روي عن الضحاك أيضاً. والسادس: حبة الخضراء وصنوبر، قاله أبو صالح. والسابع: كانت صوفاً وشيئاً من سمن، قاله عبد الله بن الحارث. وفي المزجاة خمسة أقوال:

أحدها: أنها القليلة. روى العوفي عن ابن عباس قال: دراهم غير طائلة، وبه قال مجاهد، وابن قتيبة.

قال الزجاج: تأويله في اللغة أن التزجية: الشيء الذي يدافَع به، يقال: فلان يزجي العيش، أي: يدفع بالقليل ويكتفي به، فالمعنى: جئنا ببضاعة إِنما ندافع بها ونتقوَّت، وليست مما يُتَّسع به، قال الشاعر:

الوَاهِبُ المائَةَ الهِجَانَ وَعَبْدَهَا ... عُوذَاً تُزَجِّي خَلْفَهَا أَطْفَالَهَا «٢»

أي: تدفع أطفالها. والثاني: أنها الرديئة، رواه الضحاك عن ابن عباس. قال أبو عبيدة: إِنما قيل للرديئة: مزجاة، لأنها مردودة مدفوعة غير مقبولة ممن ينفقها، قال: وهي من الإِزجاء، والإِزجاء عند العرب: السَّوق والدفع، وأنشد:

لِيَبْكِ على مِلحانَ ضيفٌ مُدفَّع ... وَأَرْمَلَةٌ تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ أَرْمَلاَ «٣»

أي: تسوقه. والثالث: الكاسدة، رواه الضحاك أيضاً عن ابن عباس. والرابع: الرثّة، وهي المتاع الخَلَق، رواه ابن أبي مليكة عن ابن عباس. والخامس: الناقصة، رواه أبو حصين عن عكرمة.

قوله تعالى: فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ أي: أتمه لنا ولا تنقصه لرداءة بضاعتنا. قوله تعالى: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا فيه ثلاثة أقوال: أحدها: تصدَّق علينا بما بين سعر الجياد والرديئة، قاله سعيد بن جبير، والسدي. قال ابن الأنباري: كان الذي سألوه من المسامحة يشبه التصدُّق، وليس به. والثاني: بردّ أخينا، قاله ابن جريج، قال: وذلك أنهم كانوا أنبياء، والصَّدَقَةُ لا تحل للأنبياء. والثالث: وتصدَّق علينا بالزيادة على حقِّنا، قاله ابن عيينة، وذهب إِلى أن الصدقة قد كانت تحل للأنبياء قبل نبيّنا صلّى الله عليه وسلم، حكاه عنه أبو سليمان الدمشقي، وأبو الحسن الماوردي، وأبو يعلى بن الفراء.

قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ أي: بالثواب. قال الضحاك: لم يقولوا: إِن الله يجزيك إِن تصدقت علينا، لأنهم لم يعلموا أنه مؤمن.

قوله تعالى: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ في سبب قوله لهم هذا، ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه أخرج إِليهم نسخة الكتاب الذي كتبوه على أنفسهم ببيعه من مالك بن ذعر، وفي آخر الكتاب: «وكتب يهوذا» فلمّا قرءوا الكتاب اعترفوا بصحته وقالوا: هذا كتاب كتبناه على أنفسنا عند بيع عبدٍ كان لنا، فقال يوسف عند ذلك: إِنكم تستحقون العقوبة، وأمر بهم ليُقتَلوا، فقالوا: إِن كنت فاعلاً، فاذهب بأمتعتنا إِلى يعقوب، ثم أقبل يهوذا على بعض إِخوته، وقال: قد كان أبونا متصل الحزن لفقد واحد من ولده، فكيف به إِذا أُخبر بهُلكنا أجمعين؟ فرقَّ يوسف عند ذلك وكشف لهم أمره، وقال لهم هذا القول، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنهم لما قالوا: (مسَّنا وأهلنا الضرُّ) أدركته


(١) في «القاموس» : الأقط: شيء يتخذ من المخيض الغنميّ، وأقط الطعام: عمله به.
(٢) البيت للأعشى في ديوانه ٢٩، وفي «القاموس» الهجائن: البيض الكرام.
(٣) ذكره ابن منظور في «اللسان» مادة «رمل» ، ونسبه إلى ابن بري. وامرأة أرملة ورجل أرمل: من لا زوج له.

<<  <  ج: ص:  >  >>