للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس، وبه قال مقاتل. والثاني: تسفِّهونِ، رواه عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن عباس، وبه قال عطاء، وقتادة، ومجاهد في رواية. وقال في رواية أخرى: لولا أن تقولوا: ذهب عقلك. والثالث: تكذِّبونِ، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، والضحاك. والرابع: تهرِّمونِ، قاله الحسن، ومجاهد في رواية. قال ابن فارس: الفَنَد: إِنكار العقل من هرم. والخامس: تعجِّزونِ، قاله ابن قتيبة.

وقال أبو عبيدة: تسفِّهون وتعجِّزون وتلومون، وأنشد:

يا صاحبيّ دَعَا لَوْمِي وَتَفْنِيدِي ... فَلَيْسَ مَا فَاتَ مِنْ أَمْرٍ بِمَرْدُودِ «١»

قال ابن جرير: وأصل التفنيد: الإِفساد، وأقوال المفسرين تتقارب معانيها «٢» ، وسمعت الشيخ أبا محمّد بن الخشاب يقول: قوله: «لولا أن تفنِّدون» فيه إضمار تقديره: لأخبرتكم أنه حيّ.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٩٥]]

قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥)

قوله تعالى: قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ قال ابن عباس: بنو بنيه خاطبوه بهذا، وكذلك قال السدي: هذا قول بني بنيه، لأن بنيه كانوا بمصر. وفي معنى هذا الضلال ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه بمعنى الخطأ، قاله ابن عباس، وابن زيد. والثاني: أنه الجنون، قاله سعيد بن جبير.

والثالث: الشقاء والعناء، قاله مقاتل، يريد بذلك شقاء الدنيا.

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٩٦ الى ٩٨]

فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٩٦) قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨)

قوله تعالى: فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ فيه قولان: أحدهما: أنه يهوذا، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال وهب بن منبه، والسدي، والجمهور. والثاني: أنه شمعون، قاله الضحاك.

فان قيل: ما الفرق بين قوله ها هنا: فَلَمَّا أَنْ جاءَ وقال في موضع: فَلَمَّا جاءَهُمْ «٣» .

فالجواب: أنهما لغتان لقريش خاطبهم الله بهما جميعاً، فدخول «أن» لتوكيد مُضِّي الفعل، وسقوطها للاعتماد على إِيضاح الماضي بنفسه، ذكره ابن الأنباري «٤» .

قوله تعالى: أَلْقاهُ يعني القميص عَلى وَجْهِهِ يعني يعقوب فَارْتَدَّ بَصِيراً، الارتداد:

رجوع الشيء إِلى حال قد كان عليها. قال ابن الأنباري: إِنما قال: ارتد، ولم يقل: رُدَّ، لأن هذا من الأفعال المنسوبة إِلى المفعولِين، كقولهم: طالت النخلة، والله أطالها، وتحركت الشجرة، والله قد


(١) البيت لهانئ بن شكيم العدوي «مجاز القرآن» ١/ ٣١٨. [.....]
(٢) قال الطبري رحمه الله ٧/ ٢٩٧: أصل التفنيد، الإفساد. وإذ كان ذلك كذلك فالضعف والهرم والكذب وذهاب العقل والضعف، وفي الفعل: الكذب واللوم بالباطل. فالأقوال على اختلاف عباراتهم متقاربة المعاني، محتمل جميعها ظاهر التنزيل، إذ لم يكن في الآية دليل على أنه معني به بعض ذلك دون بعض.
(٣) سورة البقرة: ٨٩.
(٤) كذلك قال الطبري رحمه الله ٧/ ٢٩٩، وقال أيضا: هذا في «لما» و «حتى» خاصة، كما قال جل ثناؤه، وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا- العنكبوت: ٣٣-.

<<  <  ج: ص:  >  >>