للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: ظن قومهم أن الرسل قد كُذِبوا فيما وُعدوا به من النصر، لأن الرسل لا يظنون ذلك. وقرأ أبو رزين، ومجاهد، والضحاك: «كَذَبوا» بفتح الكاف والذال خفيفة، والمعنى: ظن قومهم أيضاً أنهم قد كَذَبوا، قاله الزجاج.

قوله تعالى: جاءَهُمْ نَصْرُنا يعني: الرسل فَنُجِّيَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: «فننجي» بنونين «١» ، الأولى مضمومة والثانية ساكنة والياء ساكنة. وقرأ ابن عامر، وأبو بكر، وحفص، جميعاً عن عاصم، ويعقوب: «فَنُجِّيَ» مشدده الجيم مفتوحة الياء بنون واحدة، يعني: المؤمنين، نجوا عند نزول العذاب.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ١١١]]

لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)

قوله تعالى: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ أي: في خبر يوسف وإِخوته. وروى عبد الوارث كسر القاف، وهي قراءة قتادة، وأبي الجوزاء. عِبْرَةٌ أي: عظة لِأُولِي الْأَلْبابِ أي: لذوي العقول السليمة، وذلك من وجهين: أحدهما: ما جرى ليوسف من إِعزازه وتمليكه بعد استعباده، فإنَّ من فَعَلَ ذلك به قادر على إعزاز محمّد صلّى الله عليه وسلم وتعلية كلمته. والثاني: أن من تفكَّر، علم أنّ محمّدا صلّى الله عليه وسلم مع كونه أمَّياً، لم يأت بهذه القصة على موافقة ما في التوراة مِنْ قِبَل نفسه، فاستدل بذلك على صحة نبوَّته.

قوله تعالى: ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى في المشار إِليه قولان: أحدهما: أنه القرآن، قاله قتادة.

والثاني: ما تقدم من القصص، قاله ابن إِسحاق. فعلى القول الأول، يكون معنى قوله: وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: ولكن كان تصديقا لما بين يديه من الكتاب وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ يُحتاج إِليه من أمور الدين وَهُدىً بياناً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أي: يصدّقون بما جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلم. وعلى القول الثاني: وتفصيل كل شيء من نبأ يوسف وإخوته.


(١) قال الإمام الطبري رحمه الله ٧/ ٣٢٤: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، قراءة من قرأ «ننجي» بنونين، لأن ذلك هو القراءة التي عليها القراء في الأمصار، وما خالفه ممن قرأ ذلك ببعض الوجوه فمنفرد بقراءته عما عليه الحجة مجمعة من القراء. وغير جائز خلاف ما كان مستفيضا بالقراءة في قراء الأمصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>