للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٢٨ الى ٢٩]

الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)

قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا هذا بدل من قوله: أَنابَ، والمعنى: يهدي الذين آمنوا، وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ في هذا الذِّكر قولان: أحدهما: أنه القرآن. والثاني: ذِكر الله على الإِطلاق. وفي معنى هذه الطمأنينة قولان: أحدهما: أنها الحُب له والأُنس به. والثاني: السكون إِليه من غير شك، بخلاف الذين إِذا ذُكر الله اشمأزت قلوبهم.

قوله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ قال الزجاج: «ألا» حرف تنبيه وابتداء، والمعنى: تطمئن القلوب التي هي قلوب المؤمنين، لأن الكافر غير مطمئن القلب.

قوله تعالى: طُوبى لَهُمْ فيه ثمانية أقوال: أحدها: أنه اسم شجرة في الجنة.

(٨٢٨) روى أبو سعيد الخدري «عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما طوبى؟ قال:

شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها» .

وقال أبو هريرة: طوبى: شجرة في الجنة، يقول الله عزّ وجلّ لها: تفتَّقي لعبدي عما شاء، فتتفتق له عن الخيل بسروجها ولُجمها، وعن الإِبل بأزمَّتها، وعمَّا شاء من الكسوة. وقال شهر بن حوشب: طوبى: شجرة في الجنة، كل شجر الجنة منها أغصانها، من وراء سور الجنة، وهذا مذهب عطية، وشمر بن عطية، ومغيث بن سُمَي، وأبي صالح. والثاني: أنه اسم الجنة بالحبشية، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال المصنف: وقرأت على شيخنا أبي منصور عن سعيد بن مَسْجوح قال: طوبى: اسم الجنة بالهندية، وممن ذهب إِلى أنه اسم الجنة عكرمة، وعن مجاهد كالقولين.

والثالث: أن معنى طوبى لهم: فرح وقُرَّة عين لهم، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع:

أن معناه: نُعمى لهم، قاله عكرمة في رواية، وفي رواية أخرى عنه: نعم ما لهم. والخامس: غبطة لهم، قاله سعيد بن جبير، والضحاك. والسادس: أن معناه: خير لهم، قاله النخعي في رواية، وفي أخرى عنه قال: الخير والكرامة اللَّذان أعطاهم الله، وروى معمر عن قتادة قال: يقول الرجل للرجل:

طوبى لك، أي: أصبتَ خيراً، وهي كلمة عربية. والسابع: حسنى لهم، رواه سعيد عن قتادة عن الحسن. والثامن: أن المعنى: العيش الطِّيب لهم. و «طوبى» عند النحويين: فُعلى من الطيب، هذا قول الزجاج. وقال ابن الأنباري: تأويلها: الحال المستطابة، والخَلَّة المستلَذَّة، وأصلها: «طُيْبى» فصارت الياء واواً لسكونها وانضمام ما قبلها كما صارت في «مُوقن» والأصل فيه «مُيْقن» لأنه مأخوذ من اليقين، فغلبت الضمة فيه الياء فجعلتها واوا.


صدره حسن، وعجزه ضعيف، أخرجه أحمد ٣/ ٧١ وأبو يعلى ١٣٧٤ وابن حبان ٧٤١٣ والخطيب ٤/ ٩١ والطبري ٢٠٣٩٤. من طريق درّاج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف، لضعف درّاج في روايته عن أبي الهيثم، ولصدره شواهد، والوهن فقط في عجزه «ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها» . وله شاهد من حديث عتبة بن عبد السلمي، أخرجه الطبري ٢٠٣٩٢ وابن حبان ٧٤١٤ وأحمد ٤/ ١٨٣ وإسناده ضعيف لجهالة عامر بن زيد، لكن يشهد لما قبله. وله شاهد من حديث قرة بن إياس، أخرجه الطبري ٢٠٣٩٣ وإسناده ضعيف لضعف فرات بن أبي الفرات. وله شواهد أخرى واهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>