للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرزق، والأجل، والسعادة. والشقاوة، وهذا مذهب عمر، وابن مسعود، وأبي وائل، والضحاك، وابن جريج. والثاني: أنه الناسخ والمنسوخ، فيمحو المنسوخ، ويثبت الناسخ، روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، وقتادة، والقرظي، وابن زيد. وقال ابن قتيبة: «يمحو الله ما يشاء» أي: ينسخ من القرآن ما يشاء «ويثبت» أي: يدعه ثابتاً لا ينسخه، وهو المُحكَم. والثالث:

أنه يمحو ما يشاء، ويثبت، إِلا الشقاوة والسعادة، والحياة والموت، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، ودليل هذا القول ما روى مسلم في (صحيحه) من حديث حذيفة بن أسيد قال:

(٨٣٥) سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إِذا مضت على النطفة خمس وأربعون ليلة، يقول الملَك الموكَّل: أذَكر أم أنثى؟ فيقضي الله عزّ وجلّ، ويكتب الملَك، فيقول: أشقي، أم سعيد؟ فيقضي الله، ويكتب الملَك، فيقول: عمله وأجله؟ فيقضي الله، ويكتب الملَك، ثم تطوى الصحيفة، فلا يزاد فيها ولا يُنقص منها» .

والرابع: يمحو ما يشاء ويثبت، إِلا الشقاوة والسعادة لا يغيَّران، قاله مجاهد. والخامس: يمحو من جاء أجله، ويثبت من لم يجئ أجله، قاله الحسن. والسادس: يمحو من ذنوب عباده ما يشاء فيغفرها، ويثبت ما يشاء فلا يغفرها، روي عن سعيد بن جبير. والسابع: يمحو ما يشاء بالتوبة، ويثبت مكانها حسنات، قاله عكرمة. والثامن: يمحو من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه ثواب وعقاب، قاله الضحاك، وأبو صالح. وقال ابن السائب: القول كلُّه يُكتَب، حتى إِذا كان في يوم الخميس، طُرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب، مثل قولك: أكلتُ، شربت، دخلت، خرجت، ونحوه، وهو صادق، ويُثبت ما فيه الثواب والعقاب.

قوله تعالى: وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال الزجاج: أصل الكتاب. قال المفسرون: وهو اللوح


صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه ٢٦٤٥، والآجري في «الشريعة» ص ١٨٣- ١٨٤، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» ١٠٤٧ من طريقين عن ابن جريج عن أبي الزبير به. وأخرجه الحميدي ٨٢٦، وأحمد ٤/ ٦- ٧، والآجري ص ١٨٢- ١٨٣، واللالكائي ١٠٤٥، ١٠٤٦، وابن أبي عاصم في «السنة» ١٧٧ و ١٧٩ و ١٨٠، والطبراني ٣٠٣٦ و ٣٠٤٣ و ٣٠٤٥ من طرق عن عامر بن واثلة به. واللفظ عند مسلم: عن عامر بن واثلة أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: الشقيّ من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره. فأتى رجلا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري، فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا. فصوّرها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء. ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب! أجله. فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب! رزقه. فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده. فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص» .

<<  <  ج: ص:  >  >>