للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرحنا معنى المحيص في سورة النّساء «١» .

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٢٢ الى ٢٣]

وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٢) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣)

قوله تعالى: وَقالَ الشَّيْطانُ قال المفسرون: يعني به إِبليس، لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ أي: فُرغ منه، فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فحينئذ يجتمع أهل النار باللَّوم على إِبليس، فيقوم فيما بينهم خطيباً ويقول: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ أي: وعدكم كَوْن هذا اليوم فَصَدَقكم وَوَعَدْتُكُمْ أنه لا يكون فَأَخْلَفْتُكُمْ الوعد وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ أي: ما أظهرت لكم حُجَّةً على ما ادَّعيت.

وقال بعضهم: ما كنت أملككم فأُكرهكم إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ وهذا من الاستثناء المنقطع، والمعنى: لكن دعوتكم فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ حيث أجبتموني من غير برهان، ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ أي: بمغيثكم وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ أي: بمغيثيَّ. قرأ حمزة «بمُصرِخيِّ» فحرك الياء إِلى الكسر، وحرَّكها الباقون إِلى الفتح. قال قُطرب: هي لغة في بني يربوع يعني: قراءة حمزة. قال اللغويون:

يقال: استصرخني فلان فأصرخته، أي: استغاثني فأغثته. إِنِّي كَفَرْتُ اليوم بإشراككم إِياي في الدنيا مع الله في الطاعة، إِنَّ الظَّالِمِينَ يعني: المشركين. قوله تعالى: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أي: بأمر ربهم. وقوله: تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ قد ذكرناه في سورة يونس «٢» .

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٢٤ الى ٢٥]

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥)

قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا، قال المفسرون: ألم تر بعين قلبك كيف ضرب الله مثلاً أي: بيَّن شَبَهاً، كَلِمَةً طَيِّبَةً قال ابن عباس: هي شهادة أن لا إِله إِلا الله. كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ

أي: طيبة الثمرة، فترك ذكر الثمرة اكتفاء بدلالة الكلام عليه. وفي هذه الشجرة ثلاثة أقوال: أحدها:

أنها النخلة.

(٨٣٩) وهو في (الصحيحين) من حديث ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد رواه سعيد بن جبير عن


صحيح. أخرجه البخاري ٦١ ومسلم ٢٨١١، والترمذي ٢٨٦٧، وأحمد ٢/ ٦١ و ١٥٧ و ٢/ ٣١ و ٢/ ١٢ و ١١٥، والحميدي ٦٧٦، وابن مندة في «الإيمان» ١٩٠، وابن حبان ٢٤٦ و ٢٤٣ و ٢٤٤. واللفظ عند البخاري: عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم، حدّثوني ما هي؟» قال: فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبد الله: فوقع في نفسي أنها النخلة. ثم قالوا: حدّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: «هي النخلة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>