للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٦٧ الى ٧١]

وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠) قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١)

قوله تعالى: وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وهي قرية لوط، واسمها سَدُوم «١» ، يَسْتَبْشِرُونَ بأضياف لوط، طمعاً في ركوب الفاحشة، فقال لهم لوط: إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ أي: بقصدكم إِياهم بالسوء، يقال: فضَحَه يفضَحُه: إِذا أبان من أمره ما يلزمه به العار. وقد أثبت يعقوب ياء «تفضحون» ، وياء «تُخزون» في الوصل والوقف.

قوله تعالى: أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ أي: عن ضيافة العالَمين.

قوله تعالى: بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ حرك ياء «بناتي» نافع، وأبو جعفر.

[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٧٢ الى ٧٧]

لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦)

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧)

قوله تعالى: لَعَمْرُكَ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن معناه: وحياتك يا محمد، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس. والثاني: لَعَيْشُك، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الأخفش، وهو يرجع إِلى معنى الأول. والثالث: أن معناه: وحقّك على أمتك، تقول العرب: لَعَمْرُ الله لا أقوم، يعنون:

وحَق الله، ذكره ابن الأنباري، قال: وفي العَمْرِ ثلاث لغات: عمر وعمر، وعمر، وهو عند العرب:

البقاء. وحكى الزجاج أن الخليل وسيبويه وجميع أهل اللغة قالوا: العَمْرُ والعُمْرُ في معنى واحد، فإذا استُعمل في القسَم، فُتح لا غير، وإِنما آثروا الفتح في القسَم، لأن الفتح أخف عليهم، وهم يؤثرون القسَم ب «لعَمري» و «لعَمّرك» فلما كثر استعمالهم إِياه، لزموا الأخف عليهم، قال: وقال النحويون:

ارتفع «لَعمرُكَ» بالابتداء، والخبر محذوف، والمعنى: لعَمْرك قَسَمي، ولعَمْرك ما أُقسِمُ به، وحُذف الخبر، لأن في الكلام دليلاً عليه. المعنى: أُقسِم إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ وفي المراد بهذه السكرة قولان: أحدهما: أنها بمعنى الضلالة، قاله قتادة. والثاني: بمعنى الغفلة، قاله الأعمش، وقد شرحنا معنى العَمَه في سورة البقرة «٢» . وفي المشار إِليهم بهذا قولان: أحدهما: أنهم قوم لوط، قاله الأكثرون. والثاني: قوم نبينا صلى الله عليه وسلم، قاله عطاء.

قوله تعالى: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ يعني: صيحة العذاب، وهي صيحة جبريل عليه السلام.

مُشْرِقِينَ قال الزجاج: يقال: أشرقنا، فنحن مُشرقون: إِذا صادفوا شروق الشمس وهو طلوعها، كما يقال: أصبحنا: إِذا صادفوا الصبح، يقال: شَرَقت الشمس: إِذا طلعت، وأشرقت: إِذا أضاءت وصَفَت، هذا أكثر اللغة. وقد قيل: شَرَقت وأشرقت في معنى واحد، إِلا أن «مُشرقين» في معنى


(١) في «معجم البلدان» ٣/ ٢٠٠: «سدوم» هي «سرمين» بلدة من أعمال حلب معروفة عامرة عندهم.
(٢) عند الآية: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>