للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها مرادة في الجملتين المتقدمتين، فأعلم بذكرها ها هنا أنها مرادة فيما قبل، وإِنما حذفت تخفيفاً، ذكره أبو نصر في «شرح اللمع» . والثالث: أن دخولها يدل على انقطاع القصة، وأن الكلام قد تمَّ، ذكره الزجاج أيضاً، وهو مذهب مقاتل بن سليمان، وإن الواو تدل على تمام الكلام قبلها، واستئناف ما بعدها قال الثعلبي: فهذه واو الحكم والتحقيق، كأن الله تعالى حكى اختلافهم، فتم الكلام عند قوله:

وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ، ثم حكم أن ثامنهم كلبهم. وجاء في بعض التفسير أن المسلمين قالوا عند اختلاف النصارى: هم سبعة، فحقَّق الله قول المسلمين. والرابع: أن العرب تعطف بالواو على السبعة، فيقولون: ستة، سبعة، وثمانية، لأن العقد عندهم سبعة، كقوله: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ... إِلى أن قال في الصفة الثامنة: وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ «١» ، وقوله في صفة الجنّة: وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وفي صفة النّار: فُتِحَتْ أَبْوابُها «٢» ، لأن أبواب النار سبعة، وأبواب الجنة ثمانية، ذكر هذا المعنى أبو إِسحاق الثعلبي.

وقد اختلف العلماء في عددهم على قولين: أحدهما: أنهم كانوا سبعة، قاله ابن عباس. والثاني:

ثمانية، قاله ابن جريج، وابن إِسحاق. وقال ابن الأنباري: وقيل: معنى قوله: وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ:

صاحب كلبهم، كما يقال: السخاء حاتم، والشِّعر زهير، أي: السخاء سخاء حاتم، والشِّعر شِعر زهير.

فأمّا أسماؤهم «٣» ، فقال هُشَيْم: مكسلمينا، ويمليخا، وطَرينوس، وسَدينوس، وسَرينوس، ونَواسس، ويرانوس، وفي التفسير خلاف في أسمائهم فلم أُطل به.

واختلفوا في كلبهم لمن كان على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كان لراع مَرّوا به فتبعهم الراعي والكلب، قاله ابن عباس. والثاني: أنه كان لهم يتصيدون عليه، قاله عبيد بن عمير. والثالث: أنهم مَرّوا بكلب فتبعهم، فطردوه، فعاد، ففعلوا ذلك به مراراً، فقال لهم الكلب: ما تريدون مني؟! لا تخشوا جانبي أنا أُحِبُّ أحبّاء الله تعالى، فناموا حتى أحرسَكم. قاله كعب الأحبار. وفي اسم كلبهم أربعة أقوال: أحدها: قطمير، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: إن اسمه الرقيم، وقد ذكرناه عن سعيد بن جبير. والثالث: قطمور، قاله عبد الله بن كثير. والرابع: حُمران، قاله شعيب الجبائي «٤» .

وفي صفته ثلاثة أقوال: أحدها: أحمر، حكاه الثوري. والثاني: أصفر، حكاه ابن إِسحاق. والثالث:

أحمر الرأس، أسود الظهر، أبيض البطن، أبلق الذنب، ذكره ابن السائب.

قوله تعالى: رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ حرك الياء ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأسكنها الباقون.

قوله تعالى: ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ أي: ما يعلم عددهم إِلا قليل من الناس. قال عطاء يعني بالقليل: هم سبعة، إِن الله عدَّهم حتى انتهى إِلى السبعة.

قوله تعالى: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً قال ابن عباس، وقتادة: لا تُمارِ أحداً، حسبك ما قصصتُ عليكَ من أمرهم. وقال ابن زيد: لا تُمارِ في عِدَّتهم إِلا مراءً ظاهراً أن تقول لهم: ليس كما


(١) سورة التوبة: ١١٢.
(٢) سورة الزمر: ٧١- ٧٣.
(٣) الوقوف على أسمائهم، والكشف عن صفاتهم وأحوالهم زيادة على ما ذكر القرآن إنما هو مجرد تخمين وكهانة، وليس فيه كبير فائدة.
(٤) قال في «الميزان» ٢/ ٢٧٨: شعيب الجبائي، أخباري متروك، قاله الأزدي، وجبأ من أعمال الجند باليمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>