للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَكانَ رَسُولًا قال ابن الأنباري: إِنما أعاد «كان» لتفخيم شأن النبيّ المذكور.

قوله تعالى: وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ أي: من ناحية الطُّور، وهو جبل بين مصر ومدين اسمه زَبِير. قال ابن الأنباري: إِنما خاطب الله العرب بما يستعملون في لغتهم، ومن كلامهم: عن يمين القِبلة وشمالها، يعنون: مما يلي يمين المستقبِل لها وشماله، فنقلوا الوصف إِلى ذلك اتِّساعاً عند انكشاف المعنى، لأن الوادي لا يَدَ لَهُ فيكون له يمين. وقال المفسرون: جاء النداء عن يمين موسى، فلهذا قال: «الأيمنِ» ولم يُرِد به يمين الجبل. قوله تعالى: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا قال ابن الأنباري: معناه:

مناجياً، فعبَّر «فَعيل» عن مُفَاعِل، كما قالوا: فلان خليطي وعشيري: يعنون: مخالطي ومُعاشري.

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: «وقرَّبناه» قال: حتى سمع صريف القلم حين كتب له في الألواح. قوله تعالى: وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أي: من نعمتنا عليه إِذ أجبنا دعاءه حين سأل أن نجعل معه أخاه وزيراً له.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥٤ الى ٥٧]

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧)

قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ هذا عامّ فيما بينه وبين الله، وفيما بينه وبين الناس. وقال مجاهد: لم يَعِد ربَّه بوعدٍ قطُّ إِلا وفى له به. فإن قيل: كيف خُصَّ بصدق الوعد إِسماعيل، وليس في الأنبياء من ليس كذلك؟ فالجواب: أن إِسماعيل عانى في الوفاء بالوعد ما لم يعانه غيره من الأنبياء، فأُثني عليه بذلك. وذكر المفسرون: أنه كان بينه وبين رجل ميعاد، فأقام ينتظره مدة فيها لهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أقام حَوْلاً، قاله ابن عباس. والثاني: اثنين وعشرين يوماً، قاله الرقاشي. والثالث:

ثلاثة أيام، قاله مقاتل.

قوله تعالى: وَكانَ رَسُولًا إِلى قومه، وهم جُرْهُم. وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ قال مقاتل: يعني: قومه.

وقال الزجاج: أهله جميعُ أُمَّته. فأما الصلاة والزكاة، فهما العبادتان المعروفتان.

قوله تعالى: وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا فيه أربعة أقوال: أحدها: أنه في السماء الرابعة.

(٩٥٩) روى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث مالك بن صعصعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حديث المعراج: أنه رأى إِدريس في السماء الرابعة، وبهذا قال أبو سعيد الخدريّ، ومجاهد، وأبو العالية.

والثاني: أنه في السماء السادسة، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الضحاك. والثالث: أنه في الجنة، قاله زيد بن أسلم، وهذا يرجع إِلى الأول، لأنه قد روي أن الجنة في السماء الرابعة.

والرابع: أنه في السماء السابعة، حكاه أبو سليمان الدمشقي.

وفي سبب صعوده إِلى السماء ثلاثة أقوال:

(٩٦٠) أحدها: أنه كان يصعد له من العمل مِثْلُ ما يصعد لجميع بني آدم فأحبّه ملك الموت،


تقدّم في سورة الإسراء، وهو متفق عليه.
لم أره بهذا اللفظ مسندا. وعزاه المصنف لزيد بن أسلم بمعناه، وهذا مرسل، زيد تابعي، ولم أقف على إسناده إليه، ولا يصح، والأشبه في هذا كونه متلقى عن أهل الكتاب، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>