للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَهُمْ يعني: كفار مكة عَنْ آياتِها أي: شمسها وقمرها ونجومها، قال الفراء:

وقرأ مجاهد: «عن آيتها» فوحّد، فجعل السماء بما فيها آية وكلٌّ صوابٌ.

قوله تعالى: كُلٌّ يعني: الطوالع فِي فَلَكٍ قال ابن قتيبة: الفَلَك: مدار النجوم الذي يضمُّها، وسمَّاه فَلَكاً، لاستدارته، ومنه قيل: فَلْكَة المِغْزَل، وقد فَلكَ ثَدْيُ المرأة. قال أبو سليمان: وقيل: إِن الفَلَك- كهيئة الساقية من ماء- مستديرة دون السماء وتحت الأرض، فالأرض وسطها والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار يجرون في الفَلَك، وليس الفَلَك يُديرها. ومعنى «يَسْبَحون» : يَجْرُون. قال الفراء: لمَّا كانت السِّباحة من أفعال الآدميين، ذُكِرَتْ بالنون، كقوله: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ «١» لأنّ السّجود من أفعال الآدميين.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]

وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٣٥) وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦)

قوله تعالى: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ سبب نزولها أن ناساً قالوا: إِن محمداً لا يموت، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. ومعنى الآية ما خلَّدنا قبلكَ أحداً من بني آدم والخُلْد: البقاء الدائم.

أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ يعني مشركي مكة، لأنهم قالوا: نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ «٢» . قوله تعالى:

وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ قال ابن زيد: نختبركم بما تحبُّون لننظر كيف شكركم، وبما تكرهون لننظر كيف صبركم. قوله تعالى: وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ قرأ ابن عامر: «تَرجعون» بتاء مفتوحة. وروى ابن عباس عن أبي عمرو: «يرجعون» بياء مضمومة. وقرأ الباقون ترجعون بتاء مضمومة. قوله تعالى: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا قال ابن عباس: يعني المستهزئين، وقال السدي: نزلت في أبي جهل، مَرَّ به رسول الله، فضحك وقال: هذا نَبيُّ بني عبد مناف. وإِنْ بمعنى «ما» ، ومعنى هُزُواً مهزوءاً به أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ أي: يعيب أصنامكم، وفيه إِضمار «يقولون» ، وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ وذلك أنهم قالوا: ما نعرف الرحمن، فكفروا بالرّحمن.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٣٧ الى ٤١]

خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١)

قوله تعالى: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ وقرأ أبو رزين العُقيلي، ومجاهد، والضحاك «خَلَقَ الإنسانَ» بفتح الخاء واللام ونصب النون. وهذه الآية نزلت حين استعجلت قريش بالعذاب.

وفي المراد بالإنسان ها هنا ثلاثة أقوال: أحدها: النضر بن الحارث، وهو الذي قال:


(١) سورة يوسف: ٤.
(٢) سورة الطور: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>