للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم مقاتل أن هذه الآية نزلت حين قالوا: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا «١» .

قوله تعالى: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ الإِشارة إِلى الذين اصطفاهم وقد بيَّنَّا معنى ذلك في آية الكرسي «٢» .

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٧٧ الى ٧٨]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧) وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)

قوله تعالى: ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا قال المفسرون: المراد: صلُّوا، لأن الصلاة لا تكون إِلا بالركوع والسجود، وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ أي: وحِّدوه وَافْعَلُوا الْخَيْرَ يريد: أبواب المعروف لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي: لكي تسعدوا وتبقوا في الجنة.

[فصل:]

لم يختلف أهل العلم في السجدة الأولى من الحج واختلفوا في هذه السجدة الأخيرة فروي عن عمر، وابن عمر، وعمَّار، وأبي الدرداء، وأبي موسى، وابن عباس، أنهم قالوا: في الحج سجدتان، وقالوا: فضّلت هذه السورة على غيرها بسجدتين، وبهذا قال أصحابنا، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه. وروي عن ابن عباس أنه قال: في الحج سجدة، وبهذا قال الحسن، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وإِبراهيم، وجابر بن زيد، وأبو حنيفة وأصحابه، ومالك ويدل على الأول.

(١٠١١) ما روى عقبة بن عامر، قال: قلت: يا رسول الله أفي الحج سجدتان؟ قال: «نعم، ومن


صدره حسن، وعجزه ضعيف. أخرجه أبو داود ١٤٠٢ والترمذي ٥٧٨ والدارقطني ١/ ٤٠٨ والحاكم ١/ ٢٢١ وأحمد ٤/ ١٥١ والواحدي في «الوسيط» ٣/ ٢٨١ والبيهقي ٢/ ٣١٧ والبغوي في «التفسير» ٣/ ٢٩٩ من طرق عن ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر به. وإسناده ضعيف، وله علتان: ضعف ابن لهيعة، وشيخه مشرح قال عنه الحافظ في «التقريب» : مقبول. وقال الذهبي في «الميزان» ٤/ ١١٧: صدوق لينه ابن حبان، وقال عثمان بن سعيد عن ابن معين: ثقة، وقال ابن حبان: يروي عن عقبة مناكير، لا يتابع عليها، فالصواب ترك ما انفرد به اه. وعجزه ضعيف، وهو قوله «فمن لم يسجدها فلا يقرأها» بل هو منكر، وهو إما من مناكير ابن لهيعة حيث اختلط، أو من شيخه مشرح، حيث إن الراوي عنه عند أبي داود ابن وهب، وهو أحد العبادلة وأيّا كان فعجز الحديث ضعيف منكر، وقد ضعفه الترمذي بقوله: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي.
- وعارضه أحمد شاكر رحمه الله فقال: بل هو حديث صحيح، فإن ابن لهيعة ومشرح ثقتان ... ؟!
- وأما الألباني فذكر الحديث في «ضعيف أبي داود» ٣٠٣، وفي ذلك نظر، فإن لصدره شواهد منها:
- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: أخرجه أبو داود ١٤٠١ وابن ماجة ١٠٥٧ والحاكم ١/ ٢٢٣ والبيهقي ٢/ ٧٩ وإسناده ضعيف، فيه عبد الله بن منين مجهول، وعنه الحارث بن سعيد العتكي، لا يعرف. وقال الحاكم عقبه: رواته مصريون، واحتج الشيخان بأكثر الرواة! وسكت الذهبي! وقال الزيلعي في «نصب الراية» ٢/ ١٨٠: قال عبد الحق: ابن منين، لا يحتج به. قال ابن القطان: وذلك لجهالته اه. ومع ذلك يصلح شاهدا لما قبله، فليس بشديد الضعف، حيث فيه الجهالة فقط، ومع ذلك فقد أدخله الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» ٣٠١؟! وله شاهد مرسل، أخرجه أبو داود في «المراسيل» ص ١١٣ عن خالد بن معدان، ومن طريق أبي داود، أخرجه البيهقي ٢/ ٣١٧ ونقل عن أبي داود قوله: وقد أسند هذا الحديث، ولا يصح اه ومراده والله أعلم، أن هناك من وصل مرسل ابن معدان، والصواب إرساله. ومع ذلك يصلح شاهدا للموصول المتقدم، وما قبله.
وقد ورد موقوفا عن جماعة من الصحابة، أسند ذلك كله الحاكم في «المستدرك» ٢/ ٣٩٠- ٣٩١ والبيهقي ٢/ ٣١٧- ٣١٨ وكذا الدارقطني ١/ ٤٠٨- ٤٠٩- ٤١٠.
فهذه الموقوفات مع المرسل مع الموصول المتقدم تشهد لصدر حديث عقبة دون عجزه، وترقى به إلى درجة الحسن والله تعالى أعلم. وانظر «أحكام القرآن» ١٥١٩ بتخريجنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>