للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّ ذلك لله تعالى وحده. وقرأ قتادة، وعاصم الجحدريّ، وابن يعمر: «كلّ قد علم» برفع العين وكسر اللام «صلاته وتسبيحه» بالرّفع فيهما.

[سورة النور (٢٤) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤)

قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً أي: يسوقه ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ أي: يضم بعضه إِلى بعض، فيجعل القِطَع المتفرِّقة قطعة واحدة. والسحاب لفظه لفظ الواحد، ومعناه الجمع، فلهذا قال: يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً أي: يجعل بعض السحاب فوق بعض فَتَرَى الْوَدْقَ وهو المطر. قال الليث:

الوَدْقُ: المطر كُلُّه شديدُه وهيِّنُه. قوله تعالى: مِنْ خِلالِهِ وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وأبو العالية، ومجاهد، والضحاك: «من خَلَلهِ» والخِلال: جمع خَلَل، مثل: جبال وجبل. وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مفعول الإِنزال محذوف، تقديره: وينزِّل من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ بَرَداً، فاستغنى عن ذكر المفعول للدلالة عليه. و «مِنْ» الأولى، لابتداء الغاية، لأن ابتداء الإِنزال من السماء، والثانية، للتبعيض، لأن الذي ينزله الله بعض تلك الجبال، والثالثة، لتبيين الجنس، لأن جنس تلك الجبال جنس البَرَد، قال المفسرون: وهي جبال في السماء مخلوقة من بَرَد. وقال الزجاج: معنى الكلام: وينزِّل من السماء من جبال بَرَد فيها، كما تقول: هذا خاتم في يدي من حديد، المعنى: هذا خاتم حديد في يدي. قوله تعالى: فَيُصِيبُ بِهِ أي: بالبَرَد مَنْ يَشاءُ فيضرُّه في زرعه وثمره. والسنا: الضوء، يَذْهَبُ وقرأ مجاهد، وأبو جعفر: «يُذْهِبُ» بضم الياء وكسر الهاء. يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ أي:

يأتي بهذا، ويذهب بهذا إِنَّ فِي ذلِكَ التّقليب لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ أي: دلالة لأهل البصائر والعقول على وحدانيّة الله وقدرته.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٤٥]]

وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٥)

قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ وقرأ حمزة، والكسائيّ: «والله خالق كلّ دابّة من ماء» وفي الماء قولان: أحدهما: أنّ الماء أصل كلّ دابّة. والثاني: أنه النّطفة، والمراد به: جميع الحيوان المشاهد في الدنيا. وإنما قال: «فمنهم» تغليبا لما يعقل. وإنما لم يذكر الذي يمشي على أكثر من أربع، لأنه في رأي العين كالذي يمشي على أربع، وقيل: لأنه يعتمد في المشي على أربع. وإنما سمّى السّائر على بطنه ماشيا، لأنّ كلّ سائر ومستمرّ يقال له: ماش وإن لم يكن حيوانا، حتّى إنه يقال: قد مشى هذا الأمر، هذا قول الزّجّاج. وقال أبو عبيدة: إنما هذا على سبيل التشبيه بالماشي، لأنّ المشي لا يكون على البطن، إنما يكون لمن له قوائم، فإذا خلطوا ما له قوائم بما لا قوائم له، جاز ذلك، كما يقولون:

أكلت خبزا ولبنا، ولا يقال: أكلت لبنا.

[سورة النور (٢٤) : الآيات ٤٦ الى ٥٢]

لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠)

إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>